أعلن معنا... أعلن معنا...
دكتور فالح فرنسيس

التشوهات الخلقية للفقرات والعمود الفقري – د. فالح فرنسيس

سبق وان تكلمنا عن اهمية إجراء الفحوصات الأولية للرياضيين الاشبال قبل دخولهم الى الممارسة الرياضية، حيث تعتبر هذه الفحوصات إحدى الوسائل المهمة التي تكشف القابلية البدنية للرياضي والامراض الخفية عنده وهو في مقتبل عمره الرياضي. يعتبر الفحص الشعاعي للحوض والعمود الفقري احد اهم الفحوصات الأولية فيي المجال الطبي الرياضي، وخاصةً في رياضات القوة كرفع الاثقال والمصارعة والفنون القتالية والساحة والميدان، حيث يمكن بواسطته اكتشاف العديد من الحالات المرضية الخلقية في الفقرات منفردة والعمود الفقري ككل، والتي لاتتميز بأية اعراض عند الشخص الاعتيادي، الا انها تترافق بظهور آلام في الظهر عند تعرض الشخص الى مجهود بدني او عند ممارسته للرياضة، او يتم اكتشافها عرضيا ً عند اجراء الفحوصات الشعاعية لأي سبب آخر.

يمكن تقسيم هذه الحالات و التشوهات الخلقية الى مجموعتين :

  • مجموعة التشوهات الخلقية للفقرات وتشتمل على :
  • فتحة القوس الفقري  Spondylolysis ويحدث عادة ً في الفقرات القطنية ويقصد بها عدم اكتمال القوس الفقري وذلك لوجود تشوه خلقي او كسر في السويقة او عدم التقاء الصفيحتين الخلفيتين خلال نمو الجنين في رحم الأم. وهذه الحالة قد تؤدي الى عدم وجود حماية كافية للحبل الشوكي في تلك المنطقة.
  • انزلاق الفقرة الى الأمام  Spondylolisthesis ويحدث عادة ً في الفقرتين القطنيتين الرابعة والخامسة، نتيجة لتشوه او كسر في السويقتين اليمنى واليسرى للفقرة مما يؤدي الى امكانية انزلاق (تحرك) الفقرة القطنية الرابعة على الخامسة او الخامسة القطنية على الفقرة العجزية الاولى. في الحالات الشديدة يحدث سحب لجذور الاعصاب الفقرية او للحبل الشوكي نفسه.  
  • تعجّز الفقرة القطنية الخامسة Sacralization وهو عبارة عن اندماج او التحام الفقرة القطنية الخامسة (الأخيرة) مع العجز من جهة واحدة او من جهتين، وفي هذه الحالة يصبح عدد الفقرات القطنية اربعة بدلاً من خمسة، بينما يكون العجز ذا ستة فقرات.
  •  تقطن الفقرة العجزية الأولى Lumbarization  عندما تكون الفقرة العجزية الاولى منفصلة جزئيا ً او كليا ً عن العجز وتحتسب على فقرات المنطقة القطنية. في حالة الانفصال الكلي يصبح عدد الفقرات القطنية ستة والعجزية أربعة.
  • فتحة الفقرة العجزية الاولى  Spina Bifida  او (السنسنة المشقوقة). وسببها عدم التحام الصفيحتين لتكوين القوس الفقري الخلفي، مما قد يؤدي الى تحسس جذور الاعصاب الفقرية في المنطقة والتأثير على عضلات واعصاب الحوض والمثانة والاطراف السفلى. في الحالات الشديدة عندما تكون الفتحة كبيرة يظهر انتفاخ في اسفل الظهر عند ولادة الطفل وهو عبارة عن الغشاء مع السائل الشوكي ونهاية الحبل الشوكي. وهذه الحالة قد تحتاج الى تداخل جراحي مستعجل. اما في الحالات البسيطة، فقد لا تكتشف الا عند الكبر بحدوث سلس في البول مع آلام في الظهر عند الممارسة الرياضية او عرضيا ً عند اجراء الفحص الشعاعي للرياضي.
  • تشوهات العمود الفقري : وتشمل ثلاثة انواع رئيسية هي :
  • تحدب العمود الفقري  Spinal Kyphosis ويظهر عادة ً في الجزء العلوي للعمود الفقري شاملا ً منطقة الفقرات الصدرية والعنقية .
  • تقعر العمود الفقري   Spinal Lordosis ويظهر عادة ً في المنطقة القطنية، وقد يزداد وضوحا ً عند ممارسي بعض الرياضات مثل الجمناستيك ورفع الأثقال .
  • انحراف ( جنف ) العمود الفقري  Spinal Scoliosis وهو انحراف العمود الفقري ككل الى احد الجانبين ويكون على نوعين : الاول على شكل حرف C الى اليمين او اليسار، والثاني على. شكل حرف S حيث يكون العمود الفقري في الجزء الاعلى محدب الى اليسار وفي الجزء الاسفل محدب الى اليمين او بالعكس .

لابد لنا هنا ان نؤكد بان جميع حالات التشوهات للفقرات والعمود الفقري في درجاتها البسيطة لا تتعارض مع الممارسة الرياضية الاعتيادية او حتى رياضة المستويات العليا اذا تم اكتشافها منذ الصغر او قبل البدء بالممارسة الرياضية، حيث ان اكتشافها في بداية الممارسة الرياضية مهم جدا ً لسببين رئيسين : أولهما لتوجيه الرياضي الى الالعاب الاقل جهدا ً على العمود الفقري وتجنيبه اية مضاعفات مرضية. وثانيهما لغرض متابعة الحالة بالفحوصات الدورية السريرية والشعاعية لمعرفة تطورها خلال الممارسة الرياضية واكتشاف اي تأثيرات جانبية ذات علاقة بها.

يعتمد علاج التشوهات الخلقية للفقرات والعمود الفقري على نوع وشدة التشوه، وعلى العمر الذي يكتشف فيه ذلك التشوه. ففي الاعمار الصغير اي قبل سن الشباب يكون الاتجاه عادةً الى العلاجات التحفظية الطبيعية والبرامج التأهيلية التقويمية لمحاولة عدم تطور الحالة وتقليل شدتها قدر الامكان. اما في عمر ما بعد توقف النمو، بعد عمر العشرين، وفي الحالات الشديدة والتي قد تؤثر على صحة المصاب او لياقته البدنية او شكله الخارجي فيتم اللجوء الى العلاج الجراحي.

وهكذا نرى بأن اهمال هذه الفقرة المهمة من الفحوصات الطبية الأولية وهي فقرة الفحص الشعاعي للعمود الفقري، وخاصةً في رياضات القوة كما اسلفنا، قد يؤدي الى مضاعفات خطيرة للرياضي البطل تظهر لاحقاً عندما يصعب على الرياضي الاستمرار بالتدريب من جهة، وعندما لا يفلح العلاج التحفظي او حتى الجراحي في اعادة ذلك الرياضي الى حالته الطبيعية كرياضي او كشخص طبيعي غير معاق، فنفقد بذلك الجهد والمال المصروف على ذلك الرياضي، كما وقد نكون فقدنا رياضياً كان من الممكن ان يصل الى البطولة لو تمت متابعته من قبل الكوادر الطبية.

نعود ونؤكد على اهمية دور الطب الرياضي بمختلف تخصصاته في العملية التدريبية، اعتباراً من البدء في عملية اختيار الاشبال وتوزيعهم على الالعاب الرياضية المختلفة، ثم خلال المراحل التدريبية والعمرية المختلفة، ولغاية وصولهم الى القمة والفوز بالبطولات وحصولهم على المداليات الملونة الاولمبية.

د. فالح فرنسيس

طبيب اختصاصي بجراحة الكسور والاصابات الرياضية. نائب رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية وأمين عام اتحاد الطب الرياضي العراقي (سابقاً). الطبيب المرافق للمنتخبات العراقية بكرة القدم والالعاب الأخرى خلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. كاتب في العديد من المجلات والصحف في ملبورن والعراق في مجالات علوم الطب الرياضي.
زر الذهاب إلى الأعلى

Sign In

Register

Reset Password

Please enter your username or email address, you will receive a link to create a new password via email.