التنس واللياقة البدنية – د. فالح فرنسيس

د. فالح فرنسيس
التنس .. واللياقة البدنية
خلال الاسبوعين الماضيين تسنى لي ان اتابع الجزء الاكبر من بطولة أستراليا المفتوحة بالتنس الأرضي (Australia Open). وهي بطولة مهمة تقام سنويا للفترة من 6 الى 26 من شهر كانون الثاني، حيث يصادف نهائي البطولة مع اليوم الوطني لأستراليا. وتقام البطولة على قاعات المجمّع الرياضي المركزي في مدينة ملبورن الأسترالية، ويشارك فيها نخبة كبيرة من البطلات والابطال الدوليين في هذه اللعبة الرياضية المميزة. هذا وقد وصل عدد المشاركين في البطولة لهذا العام الى 180 لاعب (128 رجال و52 نساء) من داخل وخارج أستراليا. هذا وقد وصلت جائزة البطل الفائز بكأس البطولة الى حوالي مليوني دولار امريكي!!
تكلمنا فيما سبق عن اهم الاصابات التي تصيب اللاعبين الممارسين لرياضة التنس، اما اليوم فدعونا نتكلم عن الخصائص البدنية التي يجب ان يتحلى بها لاعب التنس وكيفية اختياره بصورة علمية وكيف يتم العمل المشترك بين الكوادر التدريبية من جهة، والكوادر الطبية الرياضية واختصاصيي العلوم المرافقة من جهة اخرى ليحصلوا في النهاية على الابطال ذوي المستويات العالية والدولية.
هناك اربعة مؤشرات رئيسة من مؤشرات اللياقة البدنية تعتبر المفاتيح التي يدخل بها لاعب التنس الى التطور والمستوى العالي وهي: السرعة والمرونة والمطاولة (اللياقة الهوائية)، بالاضافة الى المطاولة اللاهوائية. حيث ان اللاعب يحتاج الى المطاولة الهوائية لأن المباراة في لعبة التنس قد تمتد الى اكثر من 3 – 5 ساعات، وبنفس الوقت فهو يحتاج الى اللياقة اللاهوائية لأن كل نقطة من النقاط في الشوط الواحد او المجموعة الواحدة تتخللها حركات مفاجئة وسريعة تتطلب من اللاعب تقلصات عضلية ذات قوة إنفجارية متكررة. وهكذا تدخل لعبة التنس ضمن الالعاب الرياضية التي تتطلب لياقة بدنية مختلطة (هوائية – لاهوائية)، وهذا ما يجب ان يتمتع به جميع اللاعبين الدوليين.
لابد لنا ان نعلم بأن الانجاز العالي عند لاعب التنس ذو المستوى الدولي يتطلب منه التمتع بالقوة العضلية والسرعة والتوافق العصبي العضلي والمرونة وخفة الحركة، بالاضافة الى المطاولة. ولهذا فإن تدريب لاعبي التنس يكون من الصعوبة بمكان لرفع مستوى جميع تلك المؤشرات البدنية.
وهكذا فان الاشخاص الذين يختارون لعبة التنس سيحضون بمعايير عالية من معايير اللياقة البدنية بما فيها: تطوير اللياقة الهوائية وخفض مستوى الدهون في الجسم مع تحسن في تمثيلها الغذائي، وبالتالي الوصول الى انخفاض في نسبة تعرضهم الى امراض القلب والأوعية الدموية مع ارتفاع في المستوى الصحي للعظام وزيادة صلابتها. ولهذا يمكن اعتبار لاعبي رياضة التنس الأرضي الاعلى والافضل فيما يتعلق بمستوى اللياقة البدنية مقارنةً بلاعبي الرياضات الاخرى سواءً الفردية او الجماعية.
في دراسة علمية اجريت قبل فترة تمت فيها مقارنة مؤشرات اللياقة البدنية للاعب التنس الارضي بلاعبي العدو في الساحة والميدان، اكدت الدراسة ان لاعب التنس يحتاج الى الإمكانية الانفجارية المتوفرة عند عداء ال 100 متر، وبنفس الوقت فهو يحتاج الى مؤشر المطاولة التي يتمتع بها عداء الماراثون، حيث انه قد يستمر في اللعب الى اكثر من 5 ساعات عندما تستمر المباراة الى خمسة أشواط وخاصةً عندما تنتهي تلك الاشواط بالتعادل في حالة تقارب مستوى الخصمين.
يدخل علم القياسات الجسمية (علم المورفولوجي او الأنثروبومتري) في مساعدة المدربين في اختيارهم
لابطال المستقبل في جميع الالعاب الرياضية، وهذا ما يسري على لعبة التنس حيث يتغلب النمط الميزومورفي (النمط العضلي) على النمطين الآخرين الإندومورفي (النمط السمين) والإكتومورفي (النمط النحيف). / سنأتي على موضوع الأنماط الجسمية في عددٍ لاحق من “الرياضي” /.
لابد ان نبين بأن عملية الاختيار تبدأ من المدرب في تعيين اللاعبين الذين يعتقد بأنهم صالحين للعبة التنس من حيث المظهر العام للجسم وموهبة الحركة المتناسقة، الا ان الاختيار الصحيح لا يكتمل بدون الاختبارات العلمية التخصصية التي ينفذها اختصاصيو المورفولوجي والفسلجة والبيوميكانيك والاطباء الرياضيون، اعتماداً على المؤشرات العالمية المثبتة حسب الدراسات والبحوث السابقة. نورد في ادناه عدداً من هذه المواصفات التي يجب ان يمتلكها لاعب التنس وطرق تطويرها:
- ثبات البناء العضلي للجزء السفلي للجسم (الاطراف السفلى)، مع نمو قوة عضلات الجزء العلوي (الاكتاف والاطراف وعضلات الصدر) بما يتناسب واهمية الضربة القوية بالمضرب.
- الإمكانية على تغيير الاتجاهات في الحركة السريعة الى الجانبين والخلف والأمام باتجاه الشبكة.
- المرونة لعضلات الاطراف العليا والسفلى والجذع، ويمكن تطويرالمرونة عند لاعبي التنس بتمارين الاطالة للعضلات ومفاصل الاطراف، والتي بدورها تقلل من نسبة تعرضه للاصابة.
- يجب ان يتمتع بقدر كبير من الامكانية الهوائية (تقاس من قبل اختصاصي الفسلجة الرياضية)، ويجب ان يتمكن من المحافظة على مستوى خزين الطاقة خلال 4 – 5 ساعات من المباراة. ولتطوير مؤشر المطاولة يجب عليه الخضوع الى تدريبات المطاولة القلبية (Cardio Class) بعد اخذ الضوء الاخضر من الطبيب الرياضي والاختصاصي الفسلجي.
- كما ويحتاج لاعب التنس لتطوير اللياقة اللاهوائية وذلك بتدريبات الانطلاقات السريعة التي يحتاجها في حالات الهجوم والدفاع، بذلك فهو يدخل ضمن مجموعة اللياقة المختلطة كما ذكرنا.
- القوة والقوة الانفجارية يجب ان لا تغيب عن بال المدرب لغرض تطويرها عند لاعب التنس، فقوة الارسال مثلاً عند ابطال التنس الدوليين تجعل الكرة تنطلق بسرعة تتعدى 200 كيلومتر بالساعة ( اي اسرع من السيارة الاعتيادية)!! ويمكن تطوير القوة بتدريبات الحديد والكرة الطبية والاجهزة الهيدروليكية.
- الرشاقة والتوازن لا تقل اهمية عن المواصفات الاخرى التي تم ذكرها اعلاه، فلاعب التنس يجب ان يحافظ على توازن جيد خلال تحركه في الملعب من خلال الحركات الصعبة التي يقوم بها عند المناورة والهجوم المباشر والخادع.
بعد هذا الاستعراض المختصر للعبة التنس الارضي نعود الى بطولة أستراليا المفتوحة التي أسدل الستار عنها يوم الأحد الماضي، واتمنى ان يكون القراء قد تابعوا احداث ومباريات البطولة، وعلى الخصوص المباراتين النهائيتين: للنساء التي خاضت غمارها البيلاروسية سابالانكا ضد الأمريكية كيز التي فاجأت الجميع بالفوز بالبطولة، والرجال بين الايطالي سبينر الفائز بالبطولة والألماني زفيريف الذي ترشح الى المباراة النهائية بعد فوزه في المجموعة الاولى على الصربي دجوكوفيج بطل العام الماضي، والذي انسحب بسبب الاصابة.
هذا وقد وصلت المباراتان النهائيتان للنساء والرجال الى قمة الروعة والإثارة سواءً من الناحيتين الفنية وعلو المستوى من جهة، والكفاءة واللياقة البدنية من جهة اخرى. جاء هذا ليعزز ما كتبناه في مقالنا هذا من ان لاعبي رياضة التنس الأرضي هم بلا شك “الأعلى والأفضل” فيما يخص مستوى اللياقة البدنية فيما لو قارناهم بلاعبي الالعاب الرياضية الأخرى.
ملاحظة: نشر هذا المقال في جريدة الرياضي الصادرة في العراق (تجدون نسخة الكترونية منها في باب الجرائد والمجلات)