أعلن معنا... أعلن معنا...
مقالاتمقالات ودراسات نقدية و بحوث

من أجل قضية فاعلة ترتقي لمستوى التحديات – شعبنا بين نار الوطن وتيه المهجر – الوسائل والآليات* – “جماعة الضغط”

جورج هسدو

[email protected]

ج: جماعة الضغط (اللوبي)

لا داعي لاستعراض ماهية اللوبي السياسي أو الحديث عن إيجابيات جماعات الضغط الناشطة على المستوى الدولي خدمة لقضايا الأقليات، فاليوم أغلب المتابعين والقرآء على دراية بما يعنيه اللوبي ومدى التأثير الذي يمكن أن تقوم به جماعات الضغط على الحكومات.. كما لن نضيف جديداً إذا أكدنا أن من أولويات اللوبي هو العمل على تغيير قانون لا يصب في مصلحة أهداف جماعة الضغط، أو من مهامه السعي لاستحصال قانون جديد يخدم قضية الشعب السياسية التي يتبناها اللوبي ويدافع عن حقوقهم.. وهكذا فأن شعبنا اليوم (نظرياً) أفقر ما يكون ليفكر بأهمية أن يمتلك جماعة ضغط تسعى لتحقيق أهدافه القومية، وهو (واقعياً) أبعد ما يكون ليقتنع بضرورة امتلاك لوبي خارجي لحماية وجوده والمدافعة عن حقوقه المسلوبة في الوطن.. رغم أن شعبنا اليوم (وحتى في الماضي) هو أحوج ما يكون للحشد والضغط الخارجي نصرة لقضاياه المتراجعة وحماية لمصالحه المتجاوز عليها، خاصة وأن المسار الخارجي (عن طريق إنشاء لوبي خاص بشعبنا في دول المهجر) لن يتعارض مع المسار الداخلي في المطالبة بحقوقنا القومية والسياسية.. لا بل أن الجهد الداخلي ومهما بلغ من قوة أو إقتدار على مواجهة التحديات (وهذا ما نحن بعيدين عنه كلياً اليوم) لن ينجح بدون الدعم الخارجي المشروع وغير المشروط، وهو ما يمكن لجماعة الضغط تحقيقه إذا ما تم إدارتها باستقلالية وتجرد.

ورغم تعدد أسباب ذلك البعد أو الفقر في إمتلاك جماعة ضغط، حيث فشلت محاولة أو إثنتين وتحديداً في الولايات المتحدة الأمريكية لأسباب لا تتعلق بالمستوى الأكاديمي أو كفائة الناشطين أو إلتزامهم بقدر تعلقها (بنوايا) ومزاج الجهات الداعمة ورؤسائها.. إضافة إلى تعثر بعض المحاولات (البسيطة) في دول أخرى كأستراليا وكندا وعدد من الدول الأوربية لأسباب إدارية وفنية ومالية، حيث أن بعض تلك التجارب تم وأدها في المهد كما عانت أخرى من مخاض التأسيس العسير والذي أدى بها في النهاية إلى الشلل والتلاشي.. رغم ذلك إلا أن السبب الجوهري لذلك الفشل يكمن في عدم إيمان مؤسسات شعبنا في المهجر والناشطين القوميين وقبلهم أحزابنا السياسية بضرورة إمتلاك شعبنا لجماعة ضغط يتم إدارتها من قبل المستقلين والكفاءات العلمية وأصحاب الإختصاص.. فالمدرسة الحزبية (الكلاسيكية) التي تعود شعبنا على الإلتزام بمنهاجها القومي حرفياً لا تسمح حتى بالتفكير بإيجاد بدائل ولا الإيمان بالمشاركة أو تقبل فكرة التكامل بين المؤسسات، فأصحاب هذه المدرسة يعتقدون أن عملهم سيتشابك مع عمل اللوبي ورؤيتهم ستتقاطع مع مساعيه!!.. عليه فقد إقتنعت بعض مؤسساتنا القومية بأنه يمكنها أن تتولى لوحدها المهمة وتتحول لجماعة ضغط وتقوم بحملات مدافعة عن حقوقنا السياسية، غير مدركة أن (اللوبي القومي) يختلف جذرياً عن (الهيئة الادارية) وأن حملة المدافعة عن (الحق السياسي) لا علاقة لها (بالنشاط الخيري)!!.

وبعيداً عن السفسطة الفكرية والفنتازيا الحزبية فأن على شعبنا اليوم تقع مسؤولية الفرز بين (الحقيقي والزائف) في العمل القومي، وإذا كانت فعالياته ومؤسساته مقصرة وغير مهتمة بالإرتقاء بقضيته القومية لمستوى التحديات الخطيرة التي يواجهها، فأن عليه أن يقوم بذلك بنفسه.. إذ أن تحمل مسؤولية الخروج من عنق الزجاجة التي حُشر فيها شعبنا لسنوات وسنوات لم تعد من مسؤولية المؤسسات الرسمية كالأحزاب والكنيسة فحسب، بل أنها أصبحت مسؤولية جماعية يتشارك فيها الكل أفراد وجماعات ومؤسسات منذ أن توالت علينا الخسارات.. وليس أفضل لشعبنا من أن يفتش عن وسائل وآليات غير تقليدية، أو أن يخلق فعاليات قومية (حديثة) تتحمل مسؤولية الدفاع عن قضاياه السياسية والاجتماعية دون الغوص في (وحل) المنافسة السياسية، وقد يكون أهمها إنشاء جماعات ضغط خاصة بشعبنا في دول المهجر.. وهو الأمر الذي بالتأكيد سيحتاج بعد (إختمار الفكرة) إلى التمويل الجيد والهيكلية المناسبة والروابط القوية والتشارك في تحمل المسؤولية والعلاقات المتينة والكفاءات الأكاديمية، وقبل كل ذلك وللوصول إلى الغاية المرجوة من اللوبي، وجود الإستعداد الفردي التطوعي.. وعندها قد (ضع خطين عريضين تحت مفرة قد) نستطيع مجابهة التحديات والتواجد في الساحة الدولية والاستمرار بالمشاركة الوطنية والإرتقاء بقضية شعبنا ليس على المستوى السياسي وحسب بل على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية والثقافية.

*  (11-12)سلسلة مقالات تتناول جوانب رئيسية في العمل القومي والأداء السياسي (الكلداني-السرياني-الأشوري).

جورج هَسَدو

كاتب وصحفي أدار أكثر من مؤسسة إعلامية في الوطن. ناشط في مجال حقوق الأقليات وله العشرات من المقالات في الشأن السياسي العراقي وما يتعلق بالجانب القومي لشعبنا (الكلداني-السرياني-الأشوري).
زر الذهاب إلى الأعلى

Sign In

Register

Reset Password

Please enter your username or email address, you will receive a link to create a new password via email.