قُبَّعات ثقافية ….”المال والعائلة وتنشئة الأطفال” – عماد هرمز
سأرتدي هذه المرة قبعتي الاجتماعية لأتحدث عن ظاهرة اجتماعية قد يغفل عنها الكثير من الآباء والأمهات فتكون النتائج عكسية على العائلة. دائماً يتردد على ذهني صورة بوستر رأيته على جدران إحدى المؤسسات الاجتماعية. وهي عبارة عن صورة لأب يلعب مع أبنه وتحتها نص مكتوب بالخط العريض يقول: ” أفضل هدية تقدمها لطفلك ليست لعبة أطفال بل اللعب معه” وفي هذه الجملة معاني كبيرة أحاول في هذا المقال أن اسلط الضوء على جزء منها. أصبح الهدف المنشود للكثير من الأفراد في المجتمعات خصوصاً في الدول الرأسمالية مثل استراليا، هو اقتناء أكبر كمية ممكنة من المال بُغيّة التمتع بالحياة. ولنكن واقعيين هذا الشيء ليس عيباً أو نقصاً ، فطموح الأنسان لا يتوقف عن حد مُعيّن والحوافز المالية كانت الدافع لتطوير البشرية وخصوصاً الجانب التكنولوجي من الحياة. فبدون الحوافز المادية لن تسعى الكثير من الشركات لتطوير منتجاتها باستمرار بغية إغراق السوق بمنتجاتها وتحقيق أكبر الأرباح. على الصعيد الشخصي ، الطموح جيد و هدف الشخص في أن يعيش حياة كريمة رغيدة مُريحة ماديا هو هدف وطموح نبيل. فالأب و الأم يحاولان جاهدين لضمان مستقبل أبناءهم المادي لكي يعيشوا حياة خالية من المشقة والعناء والقسوة. لكن في بعض الأحيان يُفرط الوالدين ويبالغان في سعيهم لجني الأموال فينتج عن ذلك إهمال في الواجبات البيتية تجاه أفراد العائلة.على سبيل المثال، نسمع الكثير عن انسياق وانجراف أبناء الكثير من الأغنياء وراء المخدرات والعصابات والتورط في مشاكل كبيرة وبرأي يمُكن أن نعزو ذلك إلى التردي أو النقص الكبير في توفير الرعاية الأبوية (من الطرفين الأب والأم) لأبنائهم بسبب انشغال الوالدين المستمر والدائم في اقتناء الأموال بشكل نهم، هاملين تربية أولادهم وحاجتهم إلى الرعاية الأبوية والإرشاء الأبوي المهم لتنشئة الأبناء تنشئة صالحة ليقدموا للمجتمع أشخاص صالحين وبنائيين في المجتمع بدلا من أشخاص لاهثين وراء جني الأموال. وهذا ناتج من عدم إدراك الوالدين أو وعيهم بشكل جيد بأن المادة ليست فقط ما يحتاجه الأبناء لكي يعيشوا حياة كريمة مُريحة خالية من المعاناة والشقاء. رسالتي لهذا اليوم هي أن على الوالدين تقييم وضعهم العائلي باستمرار للوقوف على السلوك والمظاهر و الجوانب السلبية في اسرهم وخصوصا من ناحية تنشئة الأبناء ومحاولة تلافيها أو تجنبها. ويمكن القيام بذلك من خلال القيام باختبار بسيط بشكل متكرر عند التفكير في الولوج أو الشروع في فكرة تهدف إلى جني المزيد من الأموال التي قد تكون على حساب العائلة وأفرادها . هذا الاختبار هو عبارة عن سؤال بسيط يطرحه الوالدين على أنفسهم. إذا ذهبت وراء هذا المشروع الذي سأجني منه المزيد من الأموال، ماذا ستكون التضحيات التي سنقدمها من الناحية العائلية؟ بمعنى آخر ما درجة الإخفاق في الدور الأبوي (للأب والأم) ، أي التربوي ، في العائلة؟ وببساطة ما درجة الإهمال للعائلة والأولاد من ناحية تقديم الرعاية لهم والتي قد يكون لها عواقب وخيمة على حياة الأبناء؟ على الوالدين دوما التذكر بأن لكل شيء ثمن، قضاء معظم الوقت في السعي لتوسيع المخزون المالي للعائلة بغية توفير الأموال لشراء أخر صيحات الموديلات من المنتوجات يقابله نقص أو تردي في تربية الأبناء. ومن المهم أيضاً على الوالدين التذكر بأن المال وأخر موديلات الملابس والحقائب والسيارات والأحذية وغيرها ، رغم أنها توفر المتعة النفسية للأبناء، إلا أنها ليست الجانب الوحيد للتربية الجيدة والصالحة للأبناء. على الوالدين القيام بالدور التربوي بشكل كامل، كونه واجب مقدس محتوم على الوالدين، ويمكن تحقيق ذلك من خلال قضاء وقت مع الأبناء بقدر حاجة الأبناء من خلاله يُقدم الوالدان المشورة والنصح والإرشادات وتغذيتهم بالتفكير الإيجابي الصالح الإنساني والإيمان وهذا هو الأهم بل هو واجب أكثر قدسية من توفير المال الفائض لإشباع النزوات والرغبات الذاتية غير الضرورية. وهذه أحدى الرسائل المُهمة التي يُحاول البوستر إيصالها للناس ، الذي تطرقت إليه في مقدمة هذا المقال.