ُقبَّعَات ثقافية – الإعلام المُضلّل والنزاع الروسي الأوكراني- عماد هرمز
القُبَّعة السياسية – الإعلام المُضلّل والنزاع الروسي الأوكراني – إحذروا من الإعلام الموجّه المزيّف المُضلّل
سأرتدي هذه المرة قبعتي السياسية لأتحدث اليوم عن قوة الإعلام وسطوته على الرأي العام واستغلال الدول القوية للإعلام واستخدامه بشكل غير شريف أو نزيه ضد المنافسين لهم أو أعدائهم. مستخدمين معلومات مُضلّلة ومغلوطة ومشوشة بهدف السيطرة على الرأي العام وتهيئة الشعب لقبول قرارات سياسية قد تكون غير صحيحة أو غير ضرورية أو تهدف لتلبية مصالح شركات أو قطاع معيّن من الدولة.
يبدو أن الكثير من أبناء شعبنا قد خضعوا للإعلام الغربي بدون دراية منهم وعلى هذا الأساس اسسوا معلوماتهم على مصادر أحادية المنبع دون الحصول على فرصة الاستماع إلى رأي الطرف الأخر الذي يحاول الإعلام الغربي سد بابه أو منعه من الوصول إلى أسماع المواطنين العاديين كي يظل رأي المواطنين الخاملين مطابق لرأي الحكومات وبالتالي تسييرهم حسب هواهم.
الرأي العام مهم في العالم الغربي، فتحتاج حكومات الدول الغربية لتهيئة الرأي العام في حال إقدامها على خطوة كبيرة سياسية كانت أو اقتصادية، لكي لا تنتفض الشعوب ضدها و يخسر الساسة مقاعدهم. فلغزو العراق على سبيل المثال وإطاحة حكومته الدكتاتورية ، كان على الولايات المُتحدة، و الدول الغربية المشاركة، إقناع شعوبها بضرورة ذلك، مستخدمين الإعلام الموجه المضلّل للحقائق لتهيئة الشعب للموافقة على شن الحرب وبالتالي القبول بالتضحيات والخسائر. ما دفعني إلى كتابة هذا المقال هو ما دار من نقاش بيني وبين شخص يبدوا أنه يستسقي معلوماته من مصدر إعلامي واحد رغم تنوع منابعه ومسمياته. فهذا الشخص كانت كل طروحاته ضد روسيا وبالطبع متأثرا بالإعلام المضاد لروسيا فأنه ظل يردد كلمة الغزو الروسي لأوكرانيا ويلعن الروس ورئيسها. والأهم هو ما حصل بعد النقاش، فبعد استماع الشخص لرأي الشخصي، غير هذا الشخص من وجه نظره نحو روسيا، أو خفف من حدتها على أقل تقدير، بعد إدراكه بأنه كان من المفروض عليه الاستماع إلى الطرق الأخر قبل طرح الرأي.
معلومات على هامش الموضوع:
كانت روسيا قد تمكنت من ضم أوكرانيا تدريجاً وحصلت الانضمام الكامل في نهاية القرن الثامن عشر. حصل نزاعات متفرقة بين الروس والأوكرانيين، إلا أن الروس بجيشه الأحمر أعاد سيطرته بالكامل على أوكرانيا في عام 1922 (1).
ظلت أوكرانيا كجزء من الاتحاد السوفيتي الشيوعي الذي إنحل في العقد الثامن من القرن المنصرم (نهاية ثمانينيات القرن العشرين). بعد إنحلال الاتحاد السوفيتي، قررت بعض الدول الاستقلال بذاتها وهذا ما حصل لأوكرانيا حيث صوت برلمانها على الاستقلال عن روسيا في شهر كانون الأول / ديسمبر 1991. (2)
رغم انفصال أوكرانيا عن روسيا، إلا أن كون أوكرانيا جزءاً من روسيا لعدة عقود، معناه أن لدى روسيا مرافق ومصالح حيوية واستراتيجية حساسة ومهمة في أوكرانيا، على سبيل المثال مصنع تشرنوبل النووي في أوكرانيا وغيرها. ورغم سماح روسيا لأوكرانيا بالانفصال ونيل استقلالها، إلا أنه تم وضع ضوابط وشروط وسياسات و بروتوكولات و عقود واتفاقيات أبرمت بين الطرفين تتعلق بالعديد من القضايا ومنها الشؤون الخارجية و النووية والدفاع وغيرها.
لكن بحسب تصريحات المسؤولين في الحكومة الروسية وعلى رأسهم رئيسهم فلاديمير بوتن، فإن أوكرانيا خالفت الاتفاقيات وتجاوزت صلاحياتها وتخطت الحدود المسموح لها ، بحسب الاتفاقيات المُبرمة بين روسيا وأوكرانيا. وهذا اصبح واضحاً وجليا في تقرب أوكرانيا نحو الغرب وتحرك دول الغرب، وعلى رأسهم أمريكا، على أوكرانيا لبسط نفوذهم فيها والتأثير عليها وعلى قرارتها السياسية والإقتصادية ومسيرة الدولة بشكل عام، والأنكأ من ذلك هو الحديث عن احتمالية ضم أوكرانيا لحلف ناتو المُعادي لروسيا.
بالتأكيد، أنا كإنسان ناضج واعي ومثقف أقف مع الشعوب الضعيفة واضم صوتي إلى صوتهم مطالباً باستقلالهم وحريتهم وهكذا أنا مع الشعب الاوكراني في نيل استقلاليته وحريته. هذا الرأي كان مطابقاً للرأي الروسي الذي سمح لأوكرانيا بالأنفصال ونيل استقلالها ، لكن الأمر اختلف عندما تجاوزت أوكرانيا حدودها في التقرّب بدرجة كبيرة من الغرب واحتمالية انضمامها إلى حلف الناتو وهذا يعني جلب قوات حلف الناتو على محاذاة حدود روسيا وتسليم جزء من المرافق الحيوية الحساسة الروسية في أوكرانيا إلى الغرب وهذا استفز روسيا وكان الحافز في تحرّكها واجتياحها لأوكرانيا لترسيخ الثوابت وإعادة طلاء (صبغ) الحدود والتذكير بالإتفاقيات.
فيا ترى هل تنجح روسياً في إعادة سيطرتها على أوكرانيا ؟
المصادر :
(1)- ويكيبيديا(2) – الموسوعة البريطانية – موقع الموسوعة على الأنترنيت