وقائع احتفالية توقيع رواية “مار كوركيس” للروائي هيثم بهنام بردى
نقلاً عن عنكاوة دوت كومز
وسط أجواء زاخرة بالبهاء والألق والجمال، أقيمت وفي الساعة السابعة والنصف من مساء يوم الأربعاء الموافق 23/ 3/ 2022 وعلى قاعة الأب عمانوئيل خوشابا في مدينة ملبورن بأستراليا، احتفالية توقيع رواية [ مار كوركيس ] للروائي هيثم بهنام بردى.
أُستهلت الاحتفالية من قبل مدير الجلسة الإعلامي الأستاذ مخلص يوسف الذي أدارها بتمكن وحرفنة بكلمة ترحيب بالحضور المحتشد من كلا الجنسين وقرأ نبذة موجزة عن السيرة الذاتية والابداعية للمحتفى به، وقدم الشكر والتقدير والاعتزاز للسادة الداعمين للاحتفالية وهم: الدكتور عامر ملوكا، الأستاذ مخلص يوسف، الشماس سليم كوكا، الأستاذ كامل كوندا، الدكتور أمير يوسف، الأستاذ مخلص خمو، وشكر خاص إلى موقع “حديث فكتوريا” والإعلامي سمير صفار للتغطية الصورية ، ثم دشن الاحتفالية بالفقرة الأولى والتي كانت قصيدة للشاعرة نضال نجيب موسى عنوانها (عنقاء) والمهداة إلى الروائي بردى، ثم قرأ الأستاذ الشماس سليم كوكا كلمته وأعرب عن سعادته بالمشاركة ومقاسمة الروائي فرحته بإصداره الجديد، ومن ثم ارتجل الفنان والشاعر عامر منصور فريتي كلمة موجزة معبرة عن غلاف الرواية التي ابدعتها أنامله المرهفة، لتختتم الكلمة المعمقة الوافية للاكاديمي والكاتب الدكتور عامر ملوكا المفصل الأول من الاحتفالية.
وفي الفاصل ما بين المفصلين استمع الحضور إلى فاصل موسيقي تراثي عراقي ابدع فيه الفنانان مهذب بطرس وسيف مهذب بطرس تفاعل معها الحضور بحرارة وبشكل لافت.
ليبدأ بعدها المفصل الثاني والتي استهلها سيادة المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى الجزيل الاحترام بقراءة ورقته التي نقبت في بنية الرواية باقتدار وعمق، أعقبه الشاعر غانم النجار الذي قرأ قصيدة تفاعل معها الحضور، وختاماً ارتقى الروائي المحتفى به ليقدم شكره وتقديره للأساتذة الداعمين والسادة الذين تحدثوا عن الرواية وكل من ساهم في انجاح هذا الحفل الابداعي، بعدها بدأت فعالية توقيع الرواية بمصاحبة الموسيقى ووجبة أكل مع الشاي والقهوة، ليعلن مدير الجلسة بعد فعالية ابداعية فريدة مفعمة بالإبداع دامت زهاء الساعتين اختتام الاحتفالية على أمل لقاء جديد.
******
وإليكم مقاطع من الكلمات التي أُلقيت بالمناسبة.
*
مفردات لا نستطيع القول بأنها سقطت سهوا في سلّته الإنشائية، بل قد بحث عنها بحثَ المنقّب في طيّات أرض تضمّ قواميس عوالم منسية: وكأنه يتقصّد أن يشير إلى القارئ ألاّ يفتح الكتاب من دون معجم إلى يمينه… وإلاّ فاتته دقّة التعابير، وبالتالي حرمته تذوّق إطعام اللغة العربية الثرّى. فالقاص هيثم بردى يغرف من المفردات ما يقطع الأنفاس أمام قدرته على الصياغة الجديدة وتزويق المعاني بمفردات لم تسمع بها أذن ولم ترها عين فيستلّ منها ما تخبئه سِلالُه الحُبلى أبدا بجُدُدِ وعتائق.
المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى
*
لا شك أن لهذا القديس منزلة متميزة لدى المؤمنين في كافة أرجاء المعمورة فهو شفيع شعوب كثيرة في مشارق الأرض ومغاربها وعلى مر العصور منذ استشهاده ونيله إكليل القداسة مطلع القرن الرابع الميلادي، وحتى الآن، وإلى الأبد… وله تسميات عديدة بحسب الرقعة الجغرافية فهو (كوكيس، وجاورجيوس، وجرجس، وجرجيس، وجورج….. إلخ).
الشماس سليم كوكا
*
لا تأبه يا أبا فادي
ستهتف باسمك
ملايين الحروف
وآلاف الكلمات
ومئات الأقلام
من ذرات رمادها المتطاير في الفضاء…
وتولد العنقاء من رمادها من جديد
وأنت تتألق كالنجوم في السماء من جديد
وجديد….
الشاعرة نضال نجيب موسى
*
ولقد وجدت نفسي أمام هذه النصوص في كتاب يحمل في ثناياه اسطراً حيكت بمزيج من المشاعر والأدب والحرفنة اللغوية، و قد تبدو الرواية التاريخية سهلة قياساً إلى أنواع الرواية الأخرى لكنها في حقيقة الأمر هي أصعب أشكال الرواية، وذلك لأن الكاتب في بقية أنواع الرواية له مساحة من الحرية في خلق الشخصيات وتدوير الاحداث، لكن الرواية التاريخية تقيّد الكاتب بأحداث لا يستطيع تجاوزها. فهو مقيّد بشخوص واحداث، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى اذا تمترس الكاتب بالشخوص والأحداث بشكل كامل فانه سيقع في مطب المؤرخ، وهذا ليس عمل الكاتب، فعلى كاتب الرواية التاريخية أن يسير في حقل ملغم كي لا يقع في أحد هذين المطبين، استطاع الروائي هيثم بردى وبنجاح أن يخرج برواية [ مار كوركيس ] من هذين المطبين بنجاح متألق حيث استلهم من التاريخ الشخوص والأحداث وخلق شخصيات تماهت مع الأحداث دون أن تؤثر على الموروث التاريخي لقصة مار كوركيس، كما زاوج بين جغرافيات وأزمنة تتوغل فيها الرواية بشكل سلس ومتناغم ما ترمو الحكاية التاريخية لمار كوركيس عمقّها الكاتب هيثم بشكل مقبول حتى عند قراء يختلفون بالعقيدة لكن يقتنعون بمغزاها من خلال الحبكة الدرامية للرواية. لغة الرواية كانت لغة تمتاز بالقوة والفخامة دون الانزلاق نحو الزخارف اللفظية ويأخذ السرد القارئ بشكل جذاب وهو يتمنى أن تطول أكثر لما فيها من سرد فني جميل.
د. عامر ملوكا
*
كتبتُ هذه الرواية وفق الأساليب الحديثة للسرد وكما تتقبلها الذائقة المعاصرة للمتلقي، إذ أني وجدت الكثير مما هو مدون من الشفاهي وعبر تصرم الحقب والقرون الكثير من التفاصيل الغارقة في اللامعقول التي أضفتها الذائقة الحكائية القديمة والغرض النبيل منها تكريس القيم المقدسة وحياة القديسين الشهداء بخوارق لا يتقبلها العصر الحديث، فآليت على نفسي مخاطبة المتلقي المعاصر وفق المفهوم الحالي للكتابة التي تتطلب تقنيات جديدة مع المحافظة تماماً على روح الحدث وجلاله وقدسيته.
هيثم بهنام بردى