أعلن معنا... أعلن معنا...
ثقافة وفنونفنون

لوحات القهوة.. لحظات فردية لكنها تخص الجميع

لطالما كانت القهوة مصدر إلهام لفنانين وقعوا في غرام المشروب الآسر (مواقع التواصل)
لطالما كانت القهوة مصدر إلهام لفنانين وقعوا في غرام المشروب الآسر (مواقع التواصل)

هند مسعد10/8/2021|آخر تحديث: 10/8/202108:41 PM (مكة المكرمة)

هل تعلم أن الموسيقار العالمي يوهان سباستيان باخ كان مدمنًا على شرب القهوة إلى درجة أنه كان يشرب يوميًا من 20 إلى 30 كوبا؟

وأكثر من ذلك أن إحدى مقطوعاته الشهيرة المعروفة باسم (Aka the coffee cantata) تتحدث عن فتاة تحب القهوة حبًّا جمًّا لكن والدها يمنعها من تناولها لأنه يظن أنها ستضر بصحتها.اقرأ أيضاالصلاة والقرآن في لوحات.. كيف عاش المسلمون القدامى أجواء رمضان؟سجلات وثائقية لا تقدر بثمن.. لوحات العيد في القرن التاسع عشر“لوحات مروعة”.. كيف صور الفن ميراث البشرية من المعاناة؟اللوحات السوداء.. قصة سحرة وشياطين وقرابين بشرية على جدران المنزل الأكثر رعبا

المقطوعة التي تصنف بين أفضل المقطوعات الشعرية رمزية تنتصر للفتاة في النهاية، إذ يوافق الوالد أن تحتسي الفتاة 3 فناجين فقط في اليوم الواحد، ولأن الفتاة ترغب في مزيد من القهوة، فهي تغني في المقطوعة بصوت أوبرالي عميق واحدة من أشهر العبارات التي قيلت في حب القهوة “إذا كان أحد يرغب في أن يُدللني حقًّا فالقهوة هي أفضل هدية عندي”.

وباخ ليس وحيدًا في هذا الصدد، فلطالما كانت القهوة ليست فقط المشروب المفضل، بل مصدر إلهام لفنانين وشعراء وأدباء ورسّامين كلهم وقعوا في غرام المشروب الآسر.

“والقهوة ذكريات.. ذكريات من شربوها معنا في مكان ما مشبع بالحنين” الشاعر الفلسطيني محمود درويش.

على طاولة القهوة

وهو في الـ20 من عمره رسم النرويجي إدفارد مونش واحدة من أشهر اللوحات التي تناولت القهوة كموضوع، وهي “على طاولة القهوة” (At The Coffee Table)، تقريبًا عام 1883، ويظهر فيها زوجان مسنّان يشربان القهوة في بيتهما.

الأجواء في اللوحة لا تميل إلى الحميمية وعنفوان الحب بقدر ما تميل إلى الهدوء والسلام النفسي، فالزوجان يجلسان في مشهد تداخلت فيها الألوان بطريقة سائحة تمامًا، ومن خلفهما أوراق نبات خضراء تُظهر دفء البيت وخصوصيته.

تتبع اللوحة المدرسة الانطباعية التي ظهرت في أواخر القرن الـ19 وأوائل القرن الـ20 على يد الرسام الانطباعي الفرنسي كلود مونيه، وتعتمد المدرسة على تقديم المواضيع حسب انطباع الرسام عنها لا كما تظهر في الواقع.

فالغرض هو إظهار انطباع الرسام وشعوره عن الحالة محل الرسم، فنرى هنا أن مونش استخدم خطوطا خفيفة وغير واضحة لإعطاء انطباع بالألفة والأنس؛ يظهر ذلك في أوراق النبات الخضراء والطاولة التي يختلط فيها الأرجواني بالأزرق.

وبالنظر إلى اللوحة، نجد أن هوية الزوجين غير واضحة وكان هذا في حد ذاته أحد مآثر الانطباعية، فتسييح الملامح يعطي فرصة للمشاهد بأن يتخيل نفسه مكان أي شخص في اللوحة وأن يعيش الحالة من دون أن يشعر بأنه يزيح شخصًا بعينه ليحتل مكانه ويعيش قصته.

كذلك نجد أن الاقتصاد في استخدام عناصر داخلية مثل الأثاث وغير ذلك يعطي مساحة للمشاهد ليعدّ المنزل منزله. فلو كانت اللوحة تعتمد على ديكور داخلي لقصر مثلا ما استطاع كثيرون استشعارها كعمل معبّر عن حالتهم الخاصة، في حين تتيح الغرفة المكونة من نبات أخضر ومقعدين وطاولة المساحة لأي شخص أن يتخيلها كبيته، فما خلا بيتٌ قط من طاولة ومقعد.

وحيدة مع الفنجان

والحال في تصوير القهوة في الأعمال التشكيلية لم يكن دومًا معتمدًا على مدى الأنس أو الوئام، ففي أحيان كثيرة اقترنت القهوة بالعزلة والوحدة، بل كانت في تلك الحالة أقرب إلى عزاء يُعزي به الناس أنفسهم عن فقدان الدفء والحميمية. وقد رسم الانطباعي الفرنسي الشهير هنري ماتيس واحدة من اللوحات التي اقترنت فيها الوحدة بشرب القهوة وهي “رأس لوريت مع فنجان قهوة” (Laurette’s Head With a Coffee Cup)، عام 1917.

حيث تظهر شابة مستلقية بعيون متعبة بجانب فنجان قهوة وحيدة من دون جليس. لا يمكن مشاهدة الفتاة في اللوحة من دون التفكير في المدة التي قضتها وحيدة بلا نوم إذ العيون منهكة ومحاطة بهالات سود، وهو الأمر الذي يدفعنا بدوره إلى التفكير في ما حدث لها لتبلغ تلك الحالة.

وعلى الرغم من بساطة اللوحة واقتصاد العناصر المكونة لها -الأمر الذي تميزت به المدرسة الانطباعية- فإنها توضح كثيرا من الطقوس التي اعتادتها المرأة في شرب قهوتها؛ أولها بالطبع الاستلقاء على الأرض في ثياب منزلية بسيطة، وأنها تستعين على ليالي الأرق والتفكير بالقهوة والتمدد أرضًا من دون تكلّف.

“وَمن مُـتَع الدّنيا جلوسك خاليا وحيدا سِوى من قهوَةٍ وكِتَاب” محمود درويش.

في الهواء الطلق

ومن برد الوحدة القارس إلى دفء الصحبة، صوّر الرسّام الأميركي دانيال ريدجواي نايت (1839-1924)، في لوحته “القهوة في الحديقة” (Coffee In The Garden)، المرسومة في أواخر القرن الـ19، الحالة الأكثر حميمية لاحتساء القهوة؛ مع الأحبة وفي أحضان الطبيعة، وتظهر فيها جارتان تشربان القهوة في الهواء الطلق مع أطفالهما.

فعلى عكس الأعمال الانطباعية التقليدية كانت لوحات نايت تحمل نمطا واقعيا بجانب اللمسة الانطباعية، وكان يركز على إظهار الصلات الاجتماعية والأسلوبية لشخصيات لوحاته الذين يظهرون سعداء ومرتاحي البال في حياتهم الريفية البسيطة كتلك التي تظهر في هذة اللوحة.

يقدم نايت في “القهوة في الحديقة” مشهدا بانوراميا للريف الفرنسي الذي عكف على دراسته فنيًّا عندما انتقل من أميركا إلى فرنسا في ذروة انتصار المدرسة الانطباعية، حيث وجد في حياة القرويين الهادئة والبسيطة كثيرا من الأنس والألفة التي تفتقر إليها حياة الناس في المدن، الألوان متنوعة والتفاصيل حاضرة بكثرة حيث التركيز على الطقس الاجتماعي للقهوة أكثر من القهوة ذاتها.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

ِAlrafeden

موقع أخباري استرالي ثقافي فني متنوع
زر الذهاب إلى الأعلى

Sign In

Register

Reset Password

Please enter your username or email address, you will receive a link to create a new password via email.