لقاء مع الأديب العراقي المتميزهيثم بهنام بردى – تحاوره الأديبة أنتصار النعيمي – نشر في العدد 85 من مجلية “أمارجي السومرية” آذار 2022.
نقلاً عن صفحة الأديب العراقي هيثم بهنام بردى….
يسعدني أن أنشر على صفحتي الشخصية الحوار الذي أجرته معي الأديبة المبدعة انتصار النعيمي في العدد 85 من مجلة [أمارجي السومرية ] الصادرة في شهر آذار من هذا العام.***الأديب العراقي المتميز هيثم بهنام بردىحاورته: انتصار النعيميحين يحب العراب وطنه حباً من طرف واحد
الأديب العراقي المتميز هيثم بهنام بردى حاورته: انتصار النعيمي ، حين يحب العراب وطنه حباً من طرف واحد
————————
يتقازم قلمي وانا احاوره ويصاب فكري بالشلل وانا اراقب حروفه وهو ينسجها على مهل وتؤدة ليصيغها كصياغة خيط من ذهب لا يمكن ان يخطئ موضعه. دؤوب في حضور المؤتمرات والمهرجانات الادبية ، غزير الانتاج على الاصعدة الأدبية كافة كتب القصة والقصة القصيرة جدا والرواية والرواية القصيرة كتب بأدب الفتيان حاز على جائزة كتارا للرواية العربية فئة رواية الفتيان لعام ٢٠١٩.وانا اتابع اجوبته على اسئلتي كان كل همي ان لا اصل للسؤال الاخير فلم استمتع بقراءة حوار او سرد كما استمتعت بالقراءة له،انه هيثم بهنام بردى عرابنا المبدع ابن الموصل الجريحة الذي غادر على عجالة بعد احتراق تاريخه بالكامل ولم يعد لجذوره من قوة للاحتفاظ بتربتها فهجر كل شيء حتى ما علق في روحه من حب وصار غريبا في احضان بلد آخر.1. نشرت العديد من المجاميع القصصية وكرست أغلبها تقريبا للقصة القصيرة جداً.. هل تعتقد أن هذا اللون السردي قد حظي باهتمام النقاد والقراء؟ج1: إذا أجبتك بالنفي أكون مجانباً للحقيقة، على المستوى الشخصي استهواني هذا الجنس السردي منذ ميعة الشباب، إذ كتبت “صدى” قصتي الأولى عام 1977 وأصدرت مجموعتي القصصية الأولى في هذا الجنس (حب مع وقف التنفيذ) عام 1989، ثم توالت اصداراتي في هذا الجنس الابداعي ووصلت إلى خمسة ثم جمعتها في كتاب واحد أسميه (الأعمال الكاملة)، وقد حظيت تجربتي في الكتابة اهتماماً عريضاً من النقاد العراقيين والعرب ووصلت الاصدارات التي تناولت تجربتي أربعة، فضلاً عن دراسات أكاديمية نافت على الخمس، ولا أعتقد… بل أجزم أن القصة القصيرة جداً في العراق حظيت باهتمام بالغ من لدن القراء والنقاد على السواء. ودليل المعافاة والتوثب والتسامي في هذا الجنس الاصدارات الكثيرة التي تناولت هذا الجنس ومثلها الدراسات والبحوث والكتب، وما أدرجته في أعلاه أحسب أنه ينطبق على التجربة العربية.2. كتبت الرواية وفزت بجائزة كتارا لرواية الفتيان عن روايتك العهد.. يا ترى ما الذي جعلها تفوز بهذه الجائزة المهمة ؟ج 2: جائزة كتارا للرواية كما هو معروف وكما ترسخت في دوراتها السبع تعد من أرقى الجوائز العربية، وعاماً إثر عام يرتفع رصيدها عبر المشاركات المتزايدة من كافة الدول العربية ومن كافة دول العالم، وهي بفروعها الخمس: الرواية المنشورة، الرواية غير المنشورة، الدراسات النقدية حول الرواية، رواية الفتيان، والرواية القطرية، تستقطب كل عام المئات من المشاركات لروائيين عرب لهم باع طويل في الكتابة، وما زادها تألقاً، وعلى خلاف جوائز أخرى، أنها تتمتع برصيد كبير من الموضوعية والعمق والنزاهة، ولم تسجل أية نقطة سلبية في مستوى الروايات الفائزة لكون اللجان التي ترصد المتميز منها تمتلك رصيداً نقدياً ضافياً، فضلاً عن الادارة الممنهجة الرصينة، وروايتي (العهد) التي حازت على جائزتها في الدورة الخامسة 2019، امتلكت كل مقومات النجاح كي تكون إحدى الروايات الخمس الحائزة على الجائزة.3. نشرت كتابا مهماً عن القصة القصيرة جداً، تناولت فيه أهم المقاربات التي بحثت في هذا اللون السردي والعديد من النماذج العراقية.. ما الذي دفعك إلى نشر هذا الكتاب؟ج 3: بعد أن وجدت الكثير من الكتابات التي تحاول أن تسحب البساط من الريادة التاريخية العراقية الممثلة بالقاص نوئيل رسام الذي نشر قصة قصيرة جداً عام 1930، والذي اكتشف ريادته الناقد باسم عبدالحميد حمودي ونشر دارسة ضافية في مجلة الأقلام العراقية عام 1988، وانبرى كل يحاول أن يؤكد الريادة إلى بلده، وبعد أن بذلت الجهد الكبير في إحقاق الحق في المنابر الالكترونية ما جعل الناقد المغربي الدكتور جميل حمداوي يقر بالريادة العراقية من خلال مقاله الموسوم (القصة القصيرة جداً: الجنس الأدبي الجديد) إذ يكتب: (ويتبين لنا من كل هذا أن ولادة فن القصة القصيرة جداً، وذلك من حيث الوعي والمقصدية بشروط الجنس تحبيكاً وتخطيباً، كانت ولادة عراقية، وذلك على غرار ولادة قصيدة التفعيلة مع بدر شاكر السياب ونازك الملائكة). وعكفت عام 2015 في جمع الخيوط الرئيسية لتعزيز الريادة العراقية ليس تاريخياً فحسب بل فنياً وقبل أن تظهر في أي بلد آخر بعد الجيل الستيني العراقي الذي ألبسها ثوباً فنياً عالياً من خلال: إبراهيم أحمد، أحمد خلف، بثينة الناصري، حسب الله يحيى، خالد حبيب الراوي، عبدالرحمن مجيد الربيعي… وأسماء أخرى، وتجمعت لدي الأدوات اللازمة لكتابي من خلال ما وفره لي الأحياء ممن تبقى منهم –أمد الله في أعمارهم- من قصص، وما تفضلوا بالإجابة على استبياني من خلال أسئلة تضرب في الصميم اصطلاحاً وتجارباً مع كل من: ابراهيم أحمد، أحمد خلف، بثينة الناصري، حسب الله يحيى، وعبدالرحمن الربيعي، فكان كتابي الموسوم [ القصة القصيرة جداً/ الريادة العراقية ] الذي صدر عن دار غيداء للطباعة والنشر والتوزيع في الأردن عام 2016.4. هنالك الكثير ممن كتبوا ويكتبون القصة القصيرة جداً.. ماهي المعايير التي تعتمدها لقياس نجاح النص القصصي؟ج 4: نعم هناك الكثار ممن كتبوا ويكتبون القصة القصيرة جداً، بيد أن ثمة تساؤل مهم: هل أن توافر المساحات الشاسعة في منصات التواصل الاجتماعي وسائر المواقع المتواجدة في الشبكة العنكبوتية كانت البديل للمطبوع الورقي الذي كان يخضع لإحتكامات وسنن نشر صارمة تتكئ على الاشتراطان الحقيقية لكتابة هذا الجنس، والآن وسط هذه الحرية الممنوحة في السوشيال ميديا، صرنا نجد الحيص بيص من الكتابات التي يجّنسها أصحابها بأنها قصص قصيرة جداً أو (ق. ق. ج) أو (ققج) في اشارة إلى المصطلح الصريح، وكأني بهم ما اكتفوا بطمس المعالم بل أنهم عمدوا إلى نزع ثيابها قطعة قطعة إما بسبب التقاعس أو الجهل…. والطامة الكبرى تتمثل في دخول منظمات أو هيئات تتلفع بيافطة الأدب وهي لا ناقة فيه ولا جمل، وتستنبط مسابقات في القصة القصيرة جداً ومن شروطها أن لا يتجاوز النص عن خمسين كلمة وأن تكون خالية من الخطأ النحوي والطباعي، ولنا أن نتصور ماهية النصوص “المقوّمة إملائياً ونحوياً” في نص لا تتجاوز كلماته الخمسين، ويقع الكثير من “كتاب النص” في الاشكالية المتمثلة بالتفريق بين “القصة القصيرة جداً” و “القصة الومضة”، وأدعو كتّاب القصة القصيرة جداً الذين يحملون همها ومصممون على حمل لوائها أن يكونوا دقيقين وحريصين ومؤثرين، وهذا لن يتأتى إلا ّمن خلال التبصر وهضم الكينونة. 5. إذا أردت أن تنصح كتاب القصة الشباب، كيف ستفعل ذلك وبماذا ستوصيهم؟ج 5: لست في موقع رجل عركته الحياة والتجارب كي يقتعد كرسياً يعطي نصائح، بل أقول من باب من له تجربة في الكتابة وعركها وعركته واستشف جزءاً من كينونتها وخِبر خباياها يمكنني أن أقول للكتاب الشاب:- لنأخذ الطفل الذي يحبو للمرة الأولى مثالاً… فإنه حال أن ينبهر بما آل إليه من الحبو إلى الوقوف على قدمين يافعتين وساقين ضامرتين ومن ثم نقل الخطوات المتتابعة، عليه إن أراد تسلق سلم أو درج أن ينظر إلى قدميه لا إلى القمة، فأنه إن فعل ذلك ونسي خطوه سينهار ويسقط منذ الدرج الأول أو الثاني، وإن ركز همه على ما تخطه قدماه خطوة خطوة وبتتابع نابع من بصر وبصيرة ثاقبة فإنه سيبلغ المرتجى/ القمة، بخطى متماسكة مدروسة وممنهجة…6. سمعت من بعض الاصدقاء أن مكتبتك قد احترقت مع بيتك وقد غادرت العراق إلى استراليا.. ماذا يعني إحراق مكتبة؟ج 6: طوال أربعة عقود كان هدفي شيئان، وفيهما المفاضلة واردة، وكانت الغلبة غالباً للمكتبة: المكتبة والدار، الأولى واظبت فيها قدر الامكان تشييد صرح علمي ومعرفي وحياتي يخص ذائقتي الإبداعية، كي أرتشف منها شهد المعرفة بكافة مشاربها ومنابعها ومضانها، واجتهدت وللمجتهد نصيب كما هو متداول، فكبر بنيان دارتي المعرفية حتى نافت على ستة آلاف لِبنة مختلفة الشكل وذات جوهر واحد، فالاختلاف الظاهري كان في النوع، فهي اشتملت على لبِنات الأدب والاجتماع والعلم وعلم النفس والاقتصاد والفن…. إلخ، وكان الهدف الثاني الذي لكثر ما عانيت من المستحيل أن أفكر بتشييد دار لكوننا كنا مرهونين بواقع من المحال أن تفكر بهكذا أمر‘ فمن حرب إلى حرب وحصار اقتصادي جائر كنا نفكر فيه ولسنوات بالرغيف المصّنع من طحين بالاسم فقط، خبز فقط دون اضافات لما تتفرع من الطحين من معجبات، فكنا ننام في بطون فارغة ونحلم فقط باليسير من الطعام الذي كان يأكله الانسان في دول الجوار والشتات، ولكن المستحيل المعلّق في الفضاء من الممكن أن تطاله الآمال… وتحقق الأمل وتحقق الصنوان المكتبة والدار، وقضيت عقداً إلاّ سنتين وذائقتي القرائية والكتابية تتمتع بالإبداع الهاطل من الذاكرة، وكانت فرحتي لا توصف وأنا أتمتع صحب عائلتي بالعراق الصغير الذي شيدته بعرق جبيني وجبين عائلتي ليتقوض الحلم ويتحول الفردوس إلى جحيم بفعل جرائم داعش الارهابية حين استبيحت مدينتي (بغديدا) في 6/ 8/ 2014 وتحولت ذواتنا إلى شواهد مركونة في عربات تبحث عن الملاذ الآمن، وبعد تحرير مدننا في سهل نينوى و “بغديدا” إحداها في شهر تشرين أول 2017، نزل الخبر على كينونتي نزول العاصفة حين أرسل لي ابني صورة دارتي الزاهرة وقد تحولت إلى طلل محترق ومكتبتي الأثيرة إلى مجرد كومة من الهباب، ومن المدينة الجميلة “عنكاوا” التي استضافتني توالد قراري الذي لم أكن أتصور أن اتخذه، ولكن صورة وطني الصغير “المكتبة/ الدار” وقد صار في خبر ليس كان حسب، بل أخواتها أيضاً، أن أغادر العراق، العراق الذي كان يعيش في كياني الممثل بحضارات علّمت البشرية كل مناهل العلم والمعرفة والأدب والعمران ليس في الماديات فقط بل بكل ما يمكن أن يشار إلى كلمة أول، فهو الأول في كل شيء، وصار الآن الآخر في كل شيء، وحين أقلعت الطائرة بي وبقايا عائلتي ” حيث تشتت البعض من أولادي في القارات الخمس”، صوب عمّان لم يغادرني العراق الأشم صاحب الحضارات الأثيلة، بل تجّسد على شكل قطرات ناصعة من دمع لم تهرقه عيناي بل مهجتي المقددة بالحزن وأنا أرى قلبي وروحي ووجودي تذوب حرقة وأسى.7. كيف تقيم المشهد السردي العراقي وهل تعتقد ان هنالك أسماء عراقية مهمة أضافت جديداً على صعيد الفكرة والبناء الفني؟ج 7: المشهد السردي العراقي منذ بواكيره ولد وهو يتسلح بكل أسانيد التجدد، ولكل مرحلة أو عقد من الزمن أسسه الفنية والمعرفية، ولا يمكن أن نعالج الآن نصاً سردياً كتب قبل قرن ويزيد من الآن، ولكن في مقاساته النقدية حينها كان السرد العراقي في الصفوف الأولى من فضاء السرد العربي، وقس على هذا التقييم كل العقود التالية ولحد هذه اللحظة، فما من دراسة أو بحث أو كتاب يخص النقد السردي، إن كان في القصة والرواية إلاّ وتجد فيه للعراق حصة جيدة فيه جنباً لجنب مع التجارب العربية المائزة، وقطعاً ثمة أسماء بارزة أضافت الكثير للبناء السردي العربي، ليس في سياج سطح دارة السرد بل في الأسانيد، ولنا أن نتباهى ونباهي بها. 8. اذا كنت تؤمن أن هنالك أدب نسوي، فكيف ترى هذا الأدب وهو يسجل اختلافه وتفاعله مع الحياة؟ج 8: لا أقر قطعاً بتقسيم الأدب بسب الجنس، فالأدب هو أدب إن كتبه رجل أو امرأة، وتأسيساً على هذا لا أؤمن بوجود أدب ذكوري وأدب نسوي، فإن شاءت الكاتبة أن تسوّر نفسها بأسوار الأنوثة وهمومها وتطلعاتها وأحلامها واستشراقها للمستقبل عبر الحاضر واستذكاراً بالماضي، فستبقى حبيسة طوق الأنوثة نأياً عن المفهوم المنطقي الذي يقر بأن الأنثى تمثل نصف العالم ولا يمكن أن نضع العالم في خانتين تتسيد الأولى الذكورية وتبحث الثانية الأنثى عن الانعتاق من تلك الأصفاد، وهذا لن يتأتى بتضخيم الذات ضمن نطاق الجنس كأنثى، بل ككائن مساوٍ للنصف الذي يتساوى معها بايولوجياً وابداعياً.9. كتب العديد من النقاد عن منجزك الابداعي وأشادوا بعطاءك وتفردك.. هل أضافت لك هذه الدراسات النقدية رؤية مغايرة وفهم جديد لمعطيات النص السردي؟ج 9: صدر إثنا عشر كتاباً نقدياً عن منجزي السردي في القصة القصيرة جداً والقصة القصيرة والرواية، أن كانت اصدارات موضوعة أم اعداداً وتقديماً ومشاركة، وكتب العشرات من النقاد العراقيين والعرب عن منجزي السردي، ومؤكد أن ما تناوله النقاد تحليلاً ونقداً أضافت لي الكثير لأن كل دراسة أضعها في مشغل القراءة المتمعنة واستنبط منها إشارات ودلالات تجعلني من خلالها أحث الخطى بعيداً عن المثبطات التي تؤشر لها دراساتهم وبحوثهم عبوراً نحو الأفضل، لإيماني أن النقد هو نحت وتوجيه وتقويم.10. ما هو زاد الكاتب في معترك الكتابة الابداعية وما الذي أضافته لك الكتابة؟.ج 10: مثلما يحتاج أي كائن حي للغذاء من أجل ادامة الحياة ويكون على الدوام في منتهى النشاط الفاعل ومكتنزاً بإشارات الحياة المفعمة بالتجدد والديمومة، يحتاج المبدع إلى الغذاء الفكري من خلال المداومة على نهل المعرفة بكل روافدها، وليس الأدب بأجناسه المحدودة التي تشكل رافداً واحداً من الروافد المتعددة فالمبدع الحقيقي الذي ينظر إلى مدى تتكلل به جهوده الابداعية في اجتراح نص إن كان شعرياً أو سردياً أو نقدياً ينبغي عليه أن يتشرب من كافة المنابع التي تصب في الحتمية في نهر الابداع وأعني بهذه الروافد كافة أصناف ومناهل المعرفة، والكتابة أضافت لي شيئاً مهماً يتمثل بعدم العيش دقائق الحياة على رتابتها، بل التبصر في كينونتها وحشيتها وارهاصاتها، كي تكون له الزاد المعرفي لاجتراح الابداع. 11. يقال أن كتابة القصة القصيرة جداً أصعب بكثير من كتابة اي لون سردي آخر.. ما مدى صحة هذه العبارة؟ج 11: لكل جنس سردي اشتراطاته وأسسه وبنيانه وقد يختلف أبناء الجنس الواحد ببعض السمات الخاصة ولكنها بالحتمية تنتمي الى المنبع/ الجنس، فالرواية والرواية القصيرة كلتاهما تنتميان إلى جذر واحد وان اختلفتا ببعض السمات التي لا مجال لذكرها، وان نأي الساردين عن اجتراحها يعود إلى اسباب كثيرة لعل ابرزها احجام الروائي الذي ذاع صيته كروائي من ارتكاب “حماقة” كهذه، رغم أن العديد من الروائيين اجترحوها والأسماء كثيرة يقف في الصف الأول مع آخرين الفذ أرنست همنغواي في رائعته القصيرة ( الشيخ والبحر)، وما أوردته أعلاه ينطبق تماماً على القصة القصيرة جداً، فهي رسمياً وليدة قرن تقريباً من الزمن، رغم أن بعض الدراسات التي تقول أنها متواجدة في كتب التراث العربي القديم مثل مجمع الأمثال للميداني أو البخلاء للجاحظ وسواها، وهناك آخرون يشير إلى أنها موجودة في جبرانيات جبران، وهناك… وهناك…، ولكن ما هو مؤكد أن هذا الجنس حديث الولادة وينتمي حتماً لجنس القصة ويتميز عن القصة القصيرة بسمات عديدة تجعل ممن يكتبها ويروم أن يتميز بها أن يلم تماماً بهذه السمات التي تخص البنى الارتكازية المتمثلة بالوحدات الأرسطية والثيمة والحبكة واللغة والخاتمة الواخزة التثويرية…. إلخ، وفي الحتمية النهائية من يمتلك أداة كتابة القصة القصيرة بتمكن وخبر خباياها وتجول في أفياءها لن يجد عسراً في كتابة القصة القصيرة جداً. 12. بعد مغادرتك للعراق، كيف وجدت تأثير الثقافة كمعطى وانجاز في التجربة الكتابية في استراليا؟.ج 12: بالتأكيد أن استراليا بلد حضاري متقدم على كافة الصعد، العلمية والاقتصادية والمعرفية….. الخ، وتأسيساً على هذا لا بد لها من إرث أدبي وثقافي باهر، وهي زاخرة بالأدباء ان كانوا شعراء أم ساردين، وأحد روائيّها حائز على جائزة نوبل للآداب عام 1973 وهو باتريك وايت… وأسماء كثيرة أخرى، إضافة إلى أسماء بارزة أخرى مثل ديفيد مالوف وكريستينا ستيد وبيتر كاري وبرادلي تريفور جيف، ولكن المعضلة تكمن لدينا نحن المتواجدين هنا في اللغة، فزادنا المعرفي هو ما يترجم لنا من الانكليزية إلى العربية، ولكن الاسترالي الذي لا يتقن القراءة باللغة العربية يحتاج إلى من يترجم أدب الجالية العربية الموجودة في استراليا إلى اللغة الانكليزية، وهذا الأمر – ايجاد مترجم- ان لم يكن عصياً فهو ضرب من المحال، فتجد الأديب العربي يقدم نتاجه إلى الجالية غبر المهرجانات والملتقيات والأماسي على قلتها إلى من يقرأ العربية فقط. 13. ما هي مشكلة الكتاب العراقي وهو يواجه غياب المؤسسات الثقافية التي ترعى وتعتني بمنجزات الكتاب والمبدعين.؟ج 13: مشكلة الكتاب العراقي وبالحتمية المبدع العراقي تكمن في السؤال التالي: كيف تسوّق لنتاجك وبالتالي لاسمك؟، والجواب عليه قدر ما هو هين ولكنه شبه محال نتيجة جهل أو عدم دراية أو سوء الاختيار لآلية الترويج للمنشور، فكما هو معلوم أن دور النشر العالمية وحتى دور النشر العربية التي اكتسبت الخبرة والمهارة والحنكة في التسويق توجه ماكنة اعلامية مبرمجة وكبيرة لإشهار المنتوج الابداعي عبر السوشيال ميديا أو الوسائل المرئية والمسموعة أو المشاركة الفاعلة والمؤثرة في المعارض العربية والعالمية وتبني سياسة الترجمة للكتب الأكثر رواجاً مبيعاً ومنزلة معرفية، فتجد الكتّاب والكِتاب يتمتعون بصيت ورواج مقبولين حتى لو كانت اصداراتهم ليست بتلك الأهمية والعمق، بل هي تتوسط الحالتين: السمو والانحدار…. بينما نحن في العراق فالحديث عن الأمر ذو شجون كما يقال، فالمبدع العراقي له ثلاثة خيارات.الأول: الاتجاه نحو دور النشر العربية الرصينة وهذا الأمر يتطلب منه دفع مبلغ ضخم جداً نظير مائة نسخة مع عقد نشر يعطيه نسبة ضئيلة جداً من البيع، ولكنه يكسب لمنشوره الرواج عربياً.ثانياً: الاتجاه نحو (دور) النشر العراقية، وجلها –مع احترامي للقلة القليلة منها التي اكتسبت سمعة جيدة من خلال جودة المطبوع والتعامل رغم ان طبيعة تعاملها تبدو نسخة منسوخة من تعامل دور النشر العربية الرصينة- ولكن بقية دور النشر نستطيع أن نقول هي عبارة عن تجارب لمكتبات شارع المتنبي، ربما تنجح مع التجربة وتقتفي درب الدور الناجحة، وجلها تتعامل مع الكتاب كسلعة ربحية.ثالثاً: دار الشؤون الثقافية، وهي مؤسسة عريقة كان لها الدور الكبير في نشر الكتاب العراقي عراقياً وأصدرت الكثير من المطبوعات الهامة، ولكنها –لكونها ذات تمويل ذاتي-، مع بعض القطرات “المنشطة” من الدولة أحياناً، تجعلها بطيئة جداً في العمل المناط بها، ولكن الروتين المتبع في تعاملها مع الكتّاب والفترة الطويلة التي تقضي فيها المخطوطة في الأدراج والمطبعة والتي تصل أحياناً الى سنوات يجعل المبدع العراقي ينأى بالتعامل معها، ولربما ما حدث مؤخراً من اصدار سلاسل مهمة في عهد مديرها الحالي الشاعر عارف الساعدي سيكون لها شأن في المستقبل… نتأمل هذا.ونقطة نظام أضعها في ختام إجابتي أقول فيها: لننظر إلى التجربة الناجحة والمبهرة لاتحاد الأدباء والكتاب في العراق بتبنيها طبع كتب أعضاءه بنصف التكلفة ويتحمل الاتحاد نصف التكلفة الآخر مع توصيل الاصدار إلى كافة فروع الاتحاد في المحافظات فضلاً عن المشاركة في المعارض الدولية للكتب التي تقام داخل وخارج العراق، وهي علامة صحية ناجعة لوضع حد للمعاناة التي يعانيها المبدع العراقي في هذا الجانب.هذه هي باختصار مشكلة الكتّاب والكتاب العراقي. 14. هل يمكن للكاتب أن يرتقي بإنجازاته في مختلف مضامير الابداع أم أنه سيشتت نفسه بين كل هذه الروافد؟ج 14: الاجابة على هذا السؤال المهم نسبي وليس مطلقاً، عند بعض التجارب التي تتوزع الذات المبدعة إلى أجناس عديدة في الكتابة تكون دافعاً له للتجدد في الابداع، بينما هو العكس تماماً عند آخرين…. وفي تجربتي الشخصية لم أجد عسراً وصعوبة في الأمر فقد كتبت القصة القصيرة جداً والقصة القصيرة، والرواية والرواية القصيرة، وكتبت أيضاً في أدب الطفل، وكتبت بعض المحاولات في القراءات “النقدية”، وأصبت ما أصبت من نجاح وتميز بحسب البحوث والدراسات النقدية التي نافت على الستين، فضلاً عن الكتب النقدية التي صدرت وتناولت تجربتي السردية، إضافة إلى الجوائز العديدة الراقية التي حزتها في أدب الطفل والقصة القصيرة، وتأسيساً على هذا أقول: نعم يستطيع أن يرتقي الأديب بإنجازاته في مختلف مضامير الابداع بناء على تجربتي وقناعتي الشخصية.سيرة ذاتية:—–هيثم بهنام بردىحائز على جائزة كتارا للرواية العربية/ الدورة الخامسة 2019 – فئة رواية الفتيان- ولد في العراق عام 1953، عضو اتحاد الأدباء العراقيين، عضو اتحاد الكتّاب العرب، عضو نقابة الفنانين العراقيين.حضر وشارك في مهرجانات وملتقيات عديدة أبرزها: الندوة العربية الأولى للقصة الشابة التي أقامتها مجلة الطليعة الأدبية في بغداد عام 1980، ملتقى القصة العراقية في بغداد عام 1995، ندوة الرواية العربية في بغداد عام 2002، الملتقى الثالث للقصة القصيرة جداً في حلب عام 2005، الملتقى الرابع للقصة العراقية (ملتقى د. علي جواد الطاهر) في بغداد 2008، مهرجان الجواهري عام 2010 وعام 2012، مؤتمر ثقافة الأطفال الدولي الأول في بغداد عام 2010، معرض إيطاليا الدولي للكتاب في إيطاليا (مدينة تورينو) عام 2014، ألقى فيها محاضرة في “القاعة الزرقاء” عن الأدب السردي العراقي الحديث، مؤتمر الرواية العراقية – دورة الروائي غائب طعمة فرمان، المنعقد في بغداد عام 2016.الإصدارات/- له في أدب الطفل “فئة الفتيان” سبعة إصدارات هي: الحكيمة والصياد- مسرحية 2007/ مع الجاحظ على بساط الريح- سيرة قصصية 2010، ط2 – 2021/ العشبة- مسرحية” حائزة على جائزة وزارة الثقافة العراقية، دار ثقافة الأطفال” 2013/ قناديل جدي- مجموعة قصصية 2017/ سكاكر جدي- مجموعة قصصية 2018/ التجربة-مسرحية 2020/ العَهْد- رواية “حائزة على جائزة كتارا للرواية عام 2019 عن “فئة رواية الفتيان2020 .- له في الرواية أربعة اصدارات هي: مار بهنام وأخته سارة- 2007/ قديسو حدياب- 2008/ أحفاد أورشنابي 2015، مار كوركيس 2021.- له في الرواية القصيرة ستة إصدارات هي: الغرفة 213- 1987، ط2 2017/ الأجساد وظلالها- 2017/ الطيف- 2017/ أبراتُ- 2018/ الأعمال الكاملة- 2019/ أَحْ- 2019/ أَحْ- 2019- له في القصة القصيرة ستة اصدارات: الوصية- 2002/ تليباثي- 2008 “حائزة على جائزة ناجي نعمان اللبنانية عام 2006″، ط2 2010، ط3 2015/ نهر ذو لحية بيضاء- 2011/ أرض من عسل- 2012/ الطوفان- 2015/ الأعمال الكاملة- 2018.- له في القصة القصيرة جداً سبعة إصدارات هي: حب مع وقف التنفيذ- 1989/ الليلة الثانية بعد الألف- 1995/ عزلة أنكيدو- 2000/ التماهي- 2008/ القصة القصيرة جداً “الأعمال القصصية 1989- 2008” 2011/ سفائن وفنارات- 2018/ الأعمال الكاملة- 2019.- له في النقد إصداران: القصة القصيرة جداً في العراق- 2010، ط2 2015/ القصة القصيرة جداً- الريادة العراقية 2016.- له في الاعداد والتقديم اصداران هما: سركون بولص عنقاء الشعر العراقي الحديث- 2011/ سركون بولص الذي رأى- 2017.- له في سلسلة (مبدعون عراقيون سريان) أربعة إصدارات هي: قصاصون عراقيون سريان في مسيرة القصة العراقية- 2009، ط2 2012/ قصاصون عراقيون سريان في مسيرة القصة العراقية القصيرة جداً- 2012/ روائيون عراقيون سريان في مسيرة الرواية العراقية- 2012/ كتّاب أدب طفل عراقيون سريان في مسيرة أدب الطفل العراقي- 2013/ مبدعون عراقيون سريان- 2018 “وهو حصيلة الأجزاء الأربعة في مجلد واحد”.- له في الكتابة المفتوحة كتاب واحد هو: الذي رأى الأعماق كلها، إنثيالات 2007.صدر عن أدبه إثنا عشر كتاباً نقدياً: في الرواية كتابان هما: دلالات المكان في روايات هيثم بهنام بردى- محمود ناصر نجم 2016/ تجربة هيثم بهنام بردى الروائية/ أ. د. سوسن البياتي 2019.في القصة القصيرة سبعة كتب هي: تجليات الفضاء السردي– قراءة في سرديات هيثم بهنام بردى- إعداد وتقديم: أ. د محمد صابر عبيد 2012./ شباط ما زال بعيداً، دراسات نقدية في المجموعة القصصية أرض من عسل لهيثم بهنام بردى- إعداد وتقديم: جوزيف حنا يشوع 2012./ الكون القصصي، تجليات السرد وآليات التمظهر، قراءة تحليلية في المجموعات القصصية لهيثم بهنام بردى- محمد إبراهيم الجميلي 2013./ المهيمنات القرائية وفاعلية التشكيل السردي في مجموعة نهر ذو لحية بيضاء- إعداد وتقديم ومشاركة: الدكتور خليل شكري هياس 2014./ جماليات تشكيل الوصف في القصة القصيرة، قراءة تحليلية في المجموعات القصصية لهيثم بهنام بردى- د. نبهان حسون السعدون 2014./ فاعلية الذاكرة في تليباثي، بين أسطرة الواقع وسحر الخيال- إعداد وتقديم ومشاركة أ.د إيمان محمد العبيدي 2018./ العتبات النصية في سرد هيثم بهنام بردى القصصي/ همام حازم عطا/ دار ماشكي 2020.في القصة القصيرة جداً أربعة كتب هي: حبة الخردل/ دراسات نقدية عن تجربة القاص هيثم بهنام بردى في كتابة القصة القصيرة جداً- إعداد وتقديم خالص ايشوع بربر- 2005. ط2 2010./ شعرية المكان في القصة القصيرة جداً– قراءة تحليلية في المجموعات القصصية لهيثم بهنام بردى- د. نبهان حسون السعدون 2012./ الثريا، دراسات نقدية عن تجربة القاص هيثم بهنام بردى في كتابة القصة القصيرة جداً- إعداد وتقديم: خالص ايشوع بربر 2014./ هيثم بهنام بردى والقصة القصيرة جداً، دراسة نقدية لحمدي مخلف الحديثي.- كتب عن أدبه العشرات من النقاد العراقيين والعرب.- تناولت أدبه سبع رسائل ماجستير وأطروحة دكتوراه واحدة داخل وخارج العراق.- أُدرج اسمه في (موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين) لمؤلفه حميد المطبعي، و(موسوعة أعلام الموصل) لمؤلفه الدكتور عمر الطالب.- حائز على العديد من الجوائز العربية والعراقية.- تُرجمت بعض قصصه إلى اللغات: الإنكليزية والهولندية والإيطالية والسريانية.