عالمنا الإنساني الثلاثي الأبعاد
للكاتب عماد هرمز
خُلق العالم الإنساني أحادي البعد عندما جُبل آدم من الطين ونُفح فيه الروح ليعيش حياة هانئة سعيدة في ملكوت الله. لم يستسغ الله هذه الحياة لآدم واراد له أن يكون له عضيداً في حياته فإذا بالله يأخذ ضلعاً من آدم ويخلق له شريكاً جميلاً موازي وملازم له وسماه حواء.
كان العالم الإنساني الأحادي البعد لآدم وحواء عالماً جميلاً مزهواً مليئاً بما لذ وطاب من مشتهيات هذا العالم. عالماً مليئاً بالخير والسعادة والرفاهية، والحب، والوئام، والسلام.
وللأسف أنتهى عالم الإنسان الاحادي البعد هذا عندما تمكن الشيطان من الإيقاع بحواء وخداعه لها والتي بدورها (أي الحواء) تمكنت من حث آدم وإقناعه للقيام بما هو ضد مشيئة الله. فدخل الشر في عالم الأنسان مضيفاً بعداً ثانياً للحياة البشرية ليصبح للبشر بعدان انسانيان متناقضان متجسدان في الصراع الأخلاقي الأساسي والأزلي بين قطبي الأخلاق الإنسانية وهما الخير والشر.
لازمت خطيئة آدم وحواء البشرية ليومنا هذا. لتظل البشرية تصول وتجول في ميدان الأخلاق البشرية تترنح بين الخير والشر وتتجول في دهاليز مشتاقتيهما من الحب والكره، الحرب والسلام، التسامح والحقد، المغفرة والانتقام، الجشع والاكتفاء، الطمع والقناعة … الخ.
لكننا في الآونة الأخيرة شهدنا ظهور بعداً ثالثاً للعالم الإنساني المتمثل بالفوضوية واللامبالاة والأنانية الفردية ومقوماته حب الذات، المسخ الجنسي، الفوضوية، ضياع الهدف والتشتت الفكري والأخلاقي وعدم وضوح الرؤية.
رغم أن البعد الثالث قد يبدوا متشابهاُ في مقوماته للبعد الثاني الشيطاني في محاربته للبعد الأول للحياة الجوهري للإنسان ومسعاه الجاد والحثيث في تحطيم أي ثوابت أخلاقية، أو إنسانية، أو دينية، أو عقائدية التي تتمركز أغلبها على مفهوم الجماعية وبالتحديد حول نواة العائلة. فهذا البعد (الثالث) يختلف عن البُعدين الآخرين في أنه ليس له إستراتيجية في الحياة أو مخطط مستقبلي أو هدف في الحياة، فهو مبني على مبدأ عدم الانتماء إلى أي شيء وعدم الاكتراث لأي شيء.
باختصار، يتجسد عالم البشر الأخلاقي هذه الأيام في ثلاث أبعاد: البعد الأول وهو البعد الأساسي الأزلي المتمثل في الخير للبشرية المستند على عقائد الإنسان ومعتقداته وإيمانه. البعد الثاني المتمثل في الشر في العالم وانحصار السلطة في يد نخبة معيّنة تريد توسيع سلطتها لدرجة أنها تريد السيطرة على الأنسان بأكمله لتحوله إلى سلعة بشرية خاضعة لأوامر تلك المجموعة المختارة. البعد الثالث المتمثل في الفوضويين الذي لا يؤمنون بشيء فهم مع من يلبي رغباتهم ونزواتهم الجسدية، وبالتالي هم أقرب إلى البعد الثاني الشيطاني ولكن ليسوا مندمجين معه.