الرافدين نيوز
فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016 كان له تأثيرات كبيرة على السياسة العالمية، بما في ذلك على أستراليا، التي تعد من أقوى حلفاء الولايات المتحدة في منطقة المحيط الهادئ. على الرغم من المسافة الجغرافية بين البلدين، إلا أن العلاقات بين أستراليا والولايات المتحدة تتسم بالأهمية الاستراتيجية والاقتصادية، حيث تجمع بينهما العديد من الاتفاقيات العسكرية والتجارية. ومع تولي ترامب للرئاسة، واجهت الحكومة الأسترالية تحديات جديدة في التعامل مع السياسات التي تبناها، سواء على المستوى الداخلي أو في سياق السياسة الخارجية.
1. التحولات في السياسة الخارجية الأسترالية
منذ بداية رئاسة ترامب، كانت السياسة الخارجية الأمريكية تميل نحو مواقف “أمريكا أولاً”، وهي سياسة انعزالية إلى حد كبير تركت تأثيرًا واضحًا على الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، بما في ذلك أستراليا. وقد تمثلت أبرز التداعيات في النقاط التالية:
- تغيير في الديناميكيات الأمنية:
لطالما كانت أستراليا تعتمد على الولايات المتحدة كحليف رئيسي في القضايا الأمنية، حيث تستفيد من التحالف الوثيق في إطار اتفاقية أنزوس (ANZUS) والتي تضمن التعاون الدفاعي بين البلدين. ولكن مع توجه ترامب نحو تقليص التزامات أمريكا الدفاعية في الخارج، كان على أستراليا أن تعيد التفكير في استراتيجياتها الأمنية. على سبيل المثال، أظهر ترامب ترددًا في دعم الحلفاء التقليديين في النزاعات الإقليمية، مما دفع أستراليا إلى تعزيز علاقتها مع دول أخرى في منطقة آسيا والهادئ. - تراجع الالتزام بتعهدات المناخ الدولية:
في عام 2017، قرر ترامب الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ، وهي خطوة أثارت قلقًا واسعًا في أستراليا، حيث تركز النقاش الداخلي في البلاد حول قضايا التغير المناخي. أستراليا، التي تعتمد بشكل كبير على الفحم كمصدر للطاقة، كانت قد بدأت في التحرك نحو تبني سياسات بيئية أكثر صرامة. مع قدوم ترامب، أصبح من الصعب على الحكومة الأسترالية أن تستمر في التزاماتها البيئية تحت تأثير السياسة الأمريكية، التي كانت تشجع على تقليل الضغط الدولي من خلال التخلي عن الاتفاقيات البيئية الكبرى. - العلاقات التجارية:
من الناحية التجارية، اتخذ ترامب مواقف متشددة تجاه الاتفاقات التجارية متعددة الأطراف، مثل اتفاقية التجارة عبر المحيط الهادئ (TPP)، التي كانت أستراليا جزءًا منها. انسحاب الولايات المتحدة من هذه الاتفاقية ترك فراغًا في الأسواق الإقليمية، مما دفع أستراليا إلى السعي نحو بدائل تجارية، بما في ذلك تعزيز علاقتها مع الصين، في وقت كانت فيه علاقات الولايات المتحدة مع الصين في تدهور بسبب النزاع التجاري بينهما. كما كانت هناك مخاوف من تأثير سياسات ترامب الحمائية على التجارة العالمية، وهو ما دفع الحكومة الأسترالية إلى تكثيف جهودها لبناء تحالفات تجارية جديدة مع دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية.
2. التأثيرات السياسية الداخلية في أستراليا
فوز ترامب ترك أيضًا تداعيات سياسية داخل أستراليا، حيث أثار صعوده وحملته السياسية جدلاً حول قضايا مثل الهجرة، والهوية الوطنية، والمساواة، مما دفع السياسيين الأستراليين إلى إعادة النظر في سياساتهم الداخلية.
- تزايد النقاش حول الهجرة واللاجئين:
كان موقف ترامب من الهجرة، وخاصة بناء الجدار على الحدود مع المكسيك، مثار اهتمام واسع في أستراليا، التي لديها أيضًا سياسات هجرة مشددة تجاه طالبي اللجوء. استغل السياسيون في أستراليا، خاصة من اليمين، فوز ترامب للترويج لخطط مماثلة لتقليص الهجرة وتبني سياسة متشددة في ما يخص اللاجئين. تزايدت الدعوات إلى تشديد الرقابة على حدود أستراليا، كما أصبحت قضية الهجرة نقطة جدل بين الأحزاب السياسية الأسترالية. - الاستقطاب السياسي:
فوز ترامب في الولايات المتحدة ساهم في تزايد الاستقطاب السياسي في أستراليا. فقد شهدت البلاد انقسامًا بين مؤيدين ومعارضين لسياسات ترامب، وهو ما انعكس على المناقشات السياسية المحلية. في بعض الأحيان، كان السياسيون الأستراليون يتخذون مواقف متعارضة مع توجهات ترامب، خاصة في ما يتعلق بحقوق الإنسان، لكن في بعض الأحيان الأخرى، حاولوا الاقتداء به في قضايا معينة مثل الإصلاحات الضريبية أو السياسات الاقتصادية.
3. السياسة الاقتصادية
فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية كان له تأثير ملحوظ على الاقتصاد العالمي، بما في ذلك الاقتصاد الأسترالي. على الرغم من أن ترامب أعلن عن توجهه نحو تخفيض الضرائب وتحفيز الاقتصاد الأمريكي، إلا أن تداعيات هذه السياسات كانت ملموسة على أستراليا.
- تقلبات الأسواق المالية:
أدت سياسات ترامب الاقتصادية، مثل فرض الرسوم الجمركية على الصين والشركاء التجاريين الآخرين، إلى تقلبات في الأسواق المالية العالمية، بما في ذلك في أستراليا. على الرغم من أن أستراليا استفادت من ارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل الفحم والحديد في أعقاب هذه السياسات، إلا أن الأسواق العالمية تأثرت بشكل عام، مما جعل الاقتصاد الأسترالي يواجه تحديات كبيرة في بعض القطاعات. - العلاقة التجارية مع الصين:
كما سبق وأن أشرنا، أثرت السياسة الحمائية التي اتبعها ترامب على التجارة العالمية، وكانت أستراليا مضطرة إلى مواجهة التحديات الناتجة عن هذه السياسة. في الوقت الذي كانت فيه العلاقات التجارية الأسترالية مع الولايات المتحدة متينة، فإن أستراليا كانت تجد نفسها في موقف صعب بسبب تصاعد التوترات التجارية بين أمريكا والصين، الشريك التجاري الأبرز لأستراليا. بينما كانت الصين ترد على الرسوم الجمركية الأمريكية بفرض رسوم على السلع الأسترالية، ما أثر على الاقتصاد الأسترالي في بعض القطاعات الحيوية.
مصدر الصورة الانترنت