أعلن معنا... أعلن معنا...
عراقية

انسحاب أحزاب عراقية من الانتخابات.. مقاطعة حقيقية أم تكتيك دعائي؟

انسحاب قوى سياسية بهذا الحجم مؤشر على عمق المخاوف والشكوك التي تساورها من إمكانية إجراء انتخابات حرة ونزيهة وعادلة في البلاد.

مفوضية الانتخابات تقول إنها ماضية في إجراء الاقتراع المبكر في موعده المقرر (رويترز)
مفوضية الانتخابات تقول إنها ماضية في إجراء الاقتراع المبكر في موعده المقرر (رويترز)

أحمد الدباغ1/8/2021|آخر تحديث: 1/8/202106:22 PM (مكة المكرمة)

الموصل- تتوالى انسحابات الأحزاب السياسية من سباق الانتخابات التشريعية المبكرة في العراق المقرر إجراؤها في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول القادم، وسط تحديات جمة تواجه هذا الاستحقاق السياسي، مع تصاعد الخروق الأمنية والاستهدافات المتكررة لأبراج نقل الطاقة الكهربائية والحرائق التي نشبت في بعض مستشفيات عزل مصابي فيروس كورونا.

اقرأ أيضاما سر الرقم 56 في العراق؟ ولماذا يرفضه مرشحو الانتخابات؟مع اقتراب موعد الانتخابات.. توقع الصدر الموت أو القتل يشعل مواقع التواصل العراقيةصدق أو لا تصدق.. حينما تتحول صفحات عراقية رائجة للترفيه أو الإعلانات إلى أسماء مرشحي الانتخاباتالسياسي العراقي البارز عبد الحسين عبطان للجزيرة نت: لا تأجيل للانتخابات لكننا مقبلون على مصائب كبيرة

انسحابات متتالية

بدأت سلسلة الانسحابات من الانتخابات مع إعلان التيار الصدري -الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر- انسحابه من مضمار الانتخابات، واعتزاله العمل السياسي في 15 يوليو/تموز الماضي.

وجاء انسحاب الصدر بعد 3 أيام على الحريق الذي حدث في مستشفى الحسين في الناصرية، عندما تسبب حريق في عنبر مخصص لمرضى كورونا في مقتل وإصابة العشرات.

وفي 24 يوليو/تموز الماضي، أعلن الحزب الشيوعي العراقي انسحابه كذلك من السباق الانتخابي، مشككا في نزاهتها عند الإخلال بالشروط التي كانت الكتل السياسية اتفقت عليها عند تشكل حكومة مصطفى الكاظمي العام الماضي.

ويقول عضو اللجنة المركزية في الحزب حسين النجار في حديث للجزيرة نت إن الانتخابات إذا ما جرت وفق الظروف الحالية فإنها ستكون محصورة بين القوى المتنفذة التي وصفها “بالفاسدة”، ومن دون أن تسفر عن أي تغيير حقيقي في عمل مجلس النواب أو الحكومة المقبلة.

ويرى النجار أن أهم شروط إجراء الانتخابات في موعدها تتمثل في محاسبة الفاسدين وسراق المال العام وقتلة المتظاهرين، التي أكد أنها لم تتحقق حتى الآن، فضلا عن عدم تشريع قانون الأحزاب رغم المطالبة بإقراره منذ سنوات، لافتا إلى أن قانون الانتخابات الحالي لا يخدم سوى مصالح الأحزاب المتنفذة، إذ لا يزال المال السياسي مسيطرا على المشهد.

وفي خطوات متسارعة، التحق صالح المطلك نائب رئيس الوزراء الأسبق ورئيس جبهة الحوار الوطني بركب المنسحبين من الانتخابات، ليتبع ذلك إعلان التحاق رئيس الوزراء العراقي الأسبق وزعيم تحالف المنبر العراقي إياد علاوي بقائمة المنسحبين في 27 يوليو/ تموز الماضي.

وجاء في بيان انسحاب المنبر العراقي -الذي تلقت الجزيرة نت نسخة منه- أن سبب الانسحاب يكمن في “تلاشي فرص النجاح لإقامة انتخابات نزيهة تخدم الشعب العراقي في ظل الاوضاع المتفاقمة وتدهورها، واستمرار الحالة المأساوية في ظروف معيشية غير ملائمة، مع استشهاد عشرات الناشطين والمتظاهرين السلميين الذين يرفعون شعاراتهم الوطنية من أجل عراق تسوده العدالة والإخاء والمساواة”.

رأي المفوضية

ولم يسبق أن أعلنت قوى سياسية بهذا الحجم انسحابها من الانتخابات في دوراتها الأربع السابقة منذ عام 2003، ولعل ذلك مؤشر على عمق المخاوف والشكوك التي تساور أغلب القوى السياسية من إمكانية إجراء انتخابات حرة ونزيهة وعادلة في البلاد.

مفوضية الانتخابات -من جانبها- أكدت أن الانسحابات المتتالية لن تؤثر على عملها، مؤكدة أنها أكملت طباعة أوراق الاقتراع الخاصة بالأجهزة الأمنية، وتلك التي سيستخدمها الناخبون العراقيون المدنيون، وأنها تضم جميع أسماء المرشحين.

وعن تقديم المنسحبين طلبات انسحاب للمفوضية، أكدت المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي للجزيرة نت وجود 3249 مرشحا للانتخابات، ولم يقدم أي منهم طلبات تحريرية للانسحاب من الانتخابات، وبالتالي فإن المفوضية ماضية في إجراء الانتخابات في موعدها المقرر.

أما الرأي القانوني للانسحاب فيوضحه الخبير في هذا الشأن علي التميمي، الذي يرى أنه ومن الناحية القانونية فقد تمت المصادقة على الكيانات والأسماء وأرقام المرشحين من قبل المفوضية، وسبق أن حددت المفوضية مدة للانسحاب وانتهت، وبالتالي فالعملية الانتخابية ماضية رغم الانسحابات.

ويضيف التميمي للجزيرة نت أن المرشحين الحاليين أو الكيانات السياسية المنسحبة يمكنهم الانسحاب من الناحية السياسية فقط دون القانونية، بمعنى أنهم لن يستطيعوا الحصول على إلغاء الترشيح من المفوضية، ولكن بإمكانهم أن يستمروا في السباق الانتخابي وفق ما وصفه “بحبر على ورق” من خلال عدم الترويج أو الدعاية الانتخابية.

لا تأثير للانسحابات

من جهته، يرى النائب البرلماني السابق وزعيم حزب الحوار والتغيير حامد المطلك أن الانسحابات المتتالية من بعض الكتل السياسية لن تؤثر على موعد إجراء الانتخابات المقبلة.

ويتابع المطلك -في حديثه للجزيرة نت- أن مفوضية الانتخابات العراقية كانت أعلنت إغلاق باب الانسحاب، وأنها أعدت جميع مستلزمات العملية الانتخابية، وبالتالي لا يمكن لأي كتلة أو مرشح الانسحاب قانونا من السباق الانتخابي، لافتا إلى أنه لا توجد طريقة لتغيير الوضع العراقي الحالي إلا بإجراء الانتخابات.

وعن مدى كون هذه الانسحابات حقيقية أم تكتيكية، يعتقد أن كثيرا من الكتل المنسحبة قد تعود للمشاركة في الانتخابات، وأن العراق قد شهد مثل هذه الانسحابات سابقا، في إشارة إلى اعتزال التيار الصدري العمل السياسي، ثم عودته بعد فترة خلال السنوات الماضية.

ويتفق مع هذا الطرح النائب الكردي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني شيروان الدوبرداني، الذي أكد أن الانتخابات ماضية في موعدها المقرر، وأن بعض الكتل السياسية ستتراجع عن انسحابها مستقبلا.

وأوضح الدوبرداني -في حديثه للجزيرة نت- أن بعض الكتل المنسحبة لا تملك رصيدا جماهيرا، باستثناء التيار الصدري، الذي تعرض لضغوط كبيرة من كتل سياسية عديدة بعد حريق مستشفى الحسين بالناصرية وتفجير أبراج نقل الطاقة الكهربائية، فضلا عن إعلان التيار في أكثر من مناسبة أن رئيس الوزراء القادم سيكون صدريا؛ وبالتالي كان انسحاب التيار الصدري رسالة واضحة ظهرت جليا من خلال الرايات التي ظهر أمامها مقتدى الصدر، وهي رايات الفصائل المسلحة التابعة له، بما يُفسر على أنه رسائل واضحة للجهات المناوئة للتيار.

تكتيك سياسي

وبالعودة إلى التميمي، يؤكد أن هذه الانسحابات تكتيكية وسياسية لا أكثر، إذ إن أسماء المرشحين باقية لدى المفوضية، وبالتالي يمكن لهذه الكتل والتيارات المنسحبة العدول عن ذلك في أي لحظة.

ويقول المحلل السياسي ورئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري إن الانسحابات المتتالية من الانتخابات سياسية بالدرجة الأولى، وإن عقد الانتخابات في موعدها سيكون واقعا بعد إصدار رئيس الجمهورية برهم صالح مرسوما جمهوريا بذلك.

إلا أن الشمري أكد في حديثه للجزيرة نت أن هذه الانسحابات ستزيد قناعة الشارع العراقي بأنها منقوصة من ناحية الإجراءات التي يمكن أن تدفع بمعايير تتطابق معها الانتخابات العراقية وفق المحددات الدولية.

وأضاف أن بعض الأطراف قد تستغل هذه الانسحابات من أجل تسليط مزيد من الضغوط على الحكومة من أجل تأجيل الانتخابات، خاصة أن الانسحابات تكتيكية، وأن بعض الكتل لجأت للانسحاب بعد أن أدركت أنها لن تحظى بعدد المقاعد النيابية التي كانت قد توقعتها، معتبرا أن ما يجري “بروبوغاندا” انتخابية ودعاية، حسب تعبيره.

أما عن قوى الحراك الاحتجاجي، فيرى الشمري أن انسحابها من الانتخابات جاء لإيمانها بعدم نزاهتها ووجود السلاح المنفلت والمال السياسي، الذي قد يعمل للضغط على رأي الناخب، لافتا إلى أن مبررات الكتل التقليدية المنسحبة تختلف جذريا ولا تخرج عن الدعاية السياسية.

ورغم كل ما يقال عن إمكانية تأجيل الانتخابات من عدمه، يؤكد التميمي أن احتمالية إجراء الانتخابات من عدمه متساوية، وأنه بغض النظر عن عمل المفوضية والناحية القانونية، فإن البلاد وفي حال شهدت أحداثا أمنية كبيرة، فليس من المستبعد أن تؤجل الانتخابات مرة أخرى، خاصة أن قرار البرلمان العراقي بحل نفسه في السابع من أكتوبر/تشرين الأول القادم مرتبط قانونا بإجراء الانتخابات.

المصدر : الجزيرة

ِAlrafeden

موقع أخباري استرالي ثقافي فني متنوع
زر الذهاب إلى الأعلى

Sign In

Register

Reset Password

Please enter your username or email address, you will receive a link to create a new password via email.